أوقعت وفاة صامويل باتي بتاريخ 16 أكتوبر 2020 عند مغادرة إعدادية بوا دولنBois d’Aulne في كونفلان– سانت أونورينConflans-Sainte-Honorine، حيث يدرس التاريخ و الجغرافيا، اضطرابا في كل فرنسا. بعد قتله بطريقة وحشية من قبل الإرهابي عبد الحق أنزوروف الذي أنهى جريمته بعملية شنيعة ومقيتة ألا وهي قطع رأس الضحية، يترك صامويل باتي وراءه أسرة في حداد و مجتمعا فريسة لتساؤلات عميقة. من بينها، تساؤل يخص مسألة حرية التعبيرالحرجة.
نظرا لأنه يواجه دعوى قضائية بتهمة التواطؤ لتنفيذ عملية إرهابية للاغتيال، شوهد اسم وصورة عبد الحكيم الصفريوي في جميع وسائل الإعلام الفرنسي. لقد تم تقديمه بسرعة على أنه رمز رئيسي[1][2][3] للهجوم الإرهابي على كونفلان– سانت أونورينConflans-Sainte-Honorine .لكن ما هي حقيقة علاقة هذا الرجل في قضية الجدل الطارئ حول الحصة الدراسية لصامويل باتي؟ يفرض هذا التساؤل نفسه بحدة شديدة بحيث أننا قد يخالجنا شعور أن وسائل الإعلام تحدثت عنه أكثر مما تحدثت عن الإرهابي عبد الحق أنزوروف.

وجد عبد الحكيم الصفريوي نفسه، وهو الذي لا يعرفه جمهور المشاهدين إلا قليلا والذي تتجاهله وسائل الإعلام حتى اليوم، والذي يرجع نضاله إلى بداية الثمانينات، وجد نفسه سريعا في قلب حملة تصفية إعلامية. فمن الصمت الإعلامي الشبه التام بشأن نضاله، إلى الإسهاب الأكثر تشهيرا و حتى الأكثر قذفا أحيانا عند التحدث عنه مرورا بلائحة كاملة من الأوصاف الجلية ك »إسلامي »، « سلفي »، « متشدد »، « مسجل ضمن المراقبين في أمن الدولة »« fiché S » ، إلى غيرها من الأوصاف، فقد كان مصير قرينة براءته النفي و الإلغاء مباشرة بعد الحادث. لقد ظهر كأنه المتهم المثالي في جريمة غير أنه لم يشارك فيها ولم يدع إليها، لا من خلال اعترافاته، ولا من خلاله تصرفاته الفعلية القابلة لإعادة التركيب ولو حتى بشكل ضمني.
بما أنه تم احترام وقت حداد وتكريم الأستاذ المتوفى على النحو الواجب، وبما أنه تم اعتقال عبد الحكيم الصفريوي في السجن الانفرادي منذ يوم 21 أكتوبر، يبدو أنه من اللازم إعادة تركيب شريط الوقائع الخاصة بعلاقته في هذه القضية. وهذا هو الهدف الذي نقترحه لتقصي الحقائق الذي ستكون لها خاصية وميزة الاعتماد فقط على مطابقة المعلومات المتوفرة في وسائل الإعلام الوطنية، مع الفيديوهات المثيرة للجدل في قلب القضية ومع تصريحات النائب العام المتخصص في مكافحة الإرهاب، جون فرانسوا ريكارد. و هكذا تتوخى عملية تقصي الحقائق أن تكون أكثر موضوعية ما أمكن و أنها تهدف إلى إتاحة الوصول بكل هدوء إلى صحة أو عدم صحة متابعة عبد الحكيم الصفريوي بتهمة التواطؤ لتنفيذ عملية اغتيال إرهابية، و هي تهمة من أثقل التهم في مجتمعنا.
إلى انتباه الأشخاص الذي لن يقرؤوا هذا المقال إلى النهاية، تجدون أدناه موجزا لما سيجده القارئ من معلومات مع مصادرها الموثوقة عند قراءة هذا الملف.
يرتكز تدخل عبد الحكيم الصفريوي في الجدل القائم حول الحصة الدراسية للأستاذ صامويل باتي فقط على شقين: الشق الأول بسيط ويتمثل في مرافقته لإبراهيم. س، والد الفتاة، تلميذة الإعدادي التي عن طريقها انطلق الجدل ـ بتاريخ 08 أكتوبر 2020، إلى إدارة الإعدادية لتقديم شكاوى متعلقة بالحصة الدراسية لصامويل باتي. وافقت الإدارة على استقبال عبد الحكيم الصفريوي عن علم مسبق بعلة قدومه وبصفته عضوا في مكتب مجلس أئمة فرنسا. تمت المقابلة بصفة طبيعية وخلصت إلى الإبقاء على الوضع على ما هو عليه بين الإدارة التي كانت تدعم أستاذها وإبراهيم س. مع عبد الحكيم الصفريوي الذين كانا يطالبان بتطبيق عقوبة تأديبية إلا أن الإدارة أحالت المعلومة على الأكاديمية التي فتحت تحقيقا حول الأحداث الموصوفة.
ثانيا، وهذا ما يتم مآخذة عبد الحكيم الصفريوي عليه، أنه قام بإنتاج ونشر بتاريخ 11 أكتوبر فيديو متعلق بهذا الجدل. بعد تحليل مفصل لهذا الفيديو، لمقاطعه ولمحتواه وللأقوال الواردة فيه، يتضح أنه، في الحقيقة، فيديو لا يمت بصلة إلى تهمة التواطؤ للاغتيال الإرهابي التي يرزح تحتها المعني بالأمر. يتضمن هذا الفيديو في الحقيقة عدة جوانب مثل: نشر المعلومة، الاستنكار السياسي، التأكيد على حماية الطفولة، وأخيرا، الدعوة إلى التدخل وإلى التعبئة القانونين.
إن حذف الفيديو من طرف المعني بالأمر، احتراما للأستاذ المتوفى وأمام خطورة اللحظة ، غذى الكثير من التخمينات حول محتوى الفيديو. لكن، بعد عرضه، لا يظهر هذا الأخير أي عنصر غير قانوني، أو أي دعوة لأي شكل من أشكال العنف أو ناهيك عن القتل. رغم الخلط الذي يمارسه التحقيق ووسائل الإعلام، لم يذكر عبد الحكيم الصفريوي أبدا اسم الأستاذ المتوفي و لم يخبر به أي أحد. كما أنه، لم يتواصل بأي حال من الأحوال مع الإرهابي عبد الله أنزوروف.
من جهة أخرى، في حين أن نائب الجمهورية المتخصص في مكافحة الإرهاب وضح توا الكذبة الافتراضية لتلميذة الإعدادي حول حقيقة مشاركتها في الحصة المثيرة للجدل للأستاذ باتي، و في حين أن وسائل الإعلام حسمت سابقا هذه النقطة، بينت عدد معين من العناصر الفاصلة و التي كشفت عنها نفس وسائل الإعلام ، بينت عناصر تساهم في إثبات أنه، بالإضافة إلى مسألة مشاركة التلميذة في هذه الحصة، يمكننا أن نعتقد، بشكل مشروع، بأن هناك آلية للتمييز حول نشر الرسوم الساخرة، تفصل بين التلاميذ المسلمين، و التلاميذ غير المسلمين. كما اتضح أن الرسوم الساخرة التي عرضها الأستاذ تصل إلى حد البذاءة الإباحية.
إن التشديد على الكذبة الافتراضية للتلميذة أدى إلى خلع الشرعية عن علاقة عبد الحكيم الصفريوي بهذه المسألة، وإلى تحويلها إلى علاقة لا معقولة ومذنبة. لكن، إن وضعنا جانبا مسألة التلميذة، فإن ما كان وراء هذه العلاقة هو خلفية ومبادئ عبد الحكيم الصفريوي. ثم أنه، بعد وقت قصير من وفاة صامويل باتي، رغم أن هذا الأخير كان مدعوما بصفة مطلقة ودائمة من طرف المؤسسة التعليمية بشأن الجدل القائم ، إلا أنه تم إثبات بشكل راسخ أنه قد خضع إلى تحذير بشأن تطبيق قواعد العلمانية و الحياد.
بالإضافة إلى ذلك و منذ الآن، يتبين بوضوح أن احتجاج إبراهيم س.، وبعده عبد الحكيم الصفريوي، مستقل تماما عن الفعل الإرهابي لأنزوروف، الذي خطط لجريمته وارتكبها لوحده، مع مساعدة متواطئين مفترضين، و الذين يتولى التحقيق القضائي تحديد هوياتهم . استخدم أنزوروف، بطريقة انتهازية، المعلومة الناتجة عن هذا الجدل لارتكاب جريمته و التي لا يمكن بتاتا أن يكون عبد الحكيم الصفريوي على اطلاع عليها أو حتى تخيلها.
من جهة أخرى، توضح عدة عناصر موضوعية من المناسب تحليلها بعناية كبيرة أن أجهزة الاستخبارات كانت لديها القدرة التقنية على تحديد التهديد الذي سبق أن شكله وكان يمثله أنزوروف. إذ تبين بوضوح تطرف هذا الأخير و إرادته القتل في مرحلة مبكرة ترجع إلى بداية الجدل القائم حول الحصة الدراسية للسيد باتي. فقد أقر حقا عناصر من أجهزة المخابرات بإخفاقهم المؤسف جدا والذي كان عليهم تفاديه لإتاحة حماية باتي ضد التهديد الذي كان يشكله أنزوروف.
علم نفس أجهزة الاستخبارات هذه مبكرا بعلاقة عبد الحكيم الصفريوي بالجدل القائم حول حصة السيد باتي. و لأنه كان مراقبا جدا لنضاله الطويل الأمد، كان يحظى عبد الحكيم الصفريوي مرة أخرى باهتمام خاص. وضحت مذكرة للمخابرات الإقليمية لمنطقة لإيفيلين، تم نشرها بتاريخ 12 أكتوبر وإرسالها على إثر ذلك للإدارة العامة للأمن الداخلي بأنه لم يتم اعتبار تدخل عبد الحكيم الصفريوي و عناصر هذا التدخل تهديدا على الإطلاق. لكن، بعد اغتيال صامويل باتي، سيتم تعيين عبد الحكيم الصفريوي ككبش مثالي للفداء في قضية قتل فيها الإرهابي ولم يعد قادرا على مواجهة عاقبة فعلته.
بين الاعتراف الرسمي لعجز المخابرات والحشد الضخم ضد عبد الحكيم الصفريوي في الطاحونة القضائية و الإعلامية، وقع الاختيار بسرعة. و هذا الاختيار كل واحد حر في تقييمه. مكن هذا الاختيار، بطريقة أو بأخرى، من إعطاء فرنسا، التي هزتها هذه الفاجعة، وجها لمجرم تم تحديده سلفا لتلقي عليه رعبها وغضبها.
والآن، تجدون عرضا مفصلا لهذه الخطوط العريضة.
الموعد مع إدارة إعدادية بوادولن Bois d’Aulne
في هذا الملف، تتلخص علاقة عبد الحكيم الصفريوي بهذه القضية في أمرين: من جهة، مرافقته لإبراهيم س. ، والد تلميذة الإعدادي التي انطلق من موقفها الجدل، إلى موعده يوم 08 أكتوبر مع إدارة إعدادية بوا د ولن Boisd’Aulne المتواجدة بكونفلان سانت أونورين Conflans-Sainte-Honorine، و من جهة أخرى، إنجاز و نشر فيديو ذي طبيعة إعلامية و نضالية، على يوتيوب بتاريخ 11 أكتوبر 2020.
رغم أن هذا الشق لا يشكل إطلاقا حدثا يلام عليه عبد الحكيم الصفريوي في التحقيق، و أنه لا يكتسي أي طابع إجرامي، إلا أن وسائل الإعلام تناولته على نطاق واسع، فكان من المهم إعادة تركيبه و إعادة التفصيل فيه.
بتاريخ 07 أكتوبر 2020، اطلع عبد الحكيم الصفريوي على إفادة إبراهيم س. ، الذي يقول بأن ابنته، تلميذة السنة الثالثة إعدادي في إعدادية متواجدة بكونفلان سانت أونورين Conflans-Sainte-Honorine، تعرضت لحادث خلال حصة التاريخ في المؤسسة. تم تداول هذه الرسالة عن طريق عدة وسائل للتواصل الاجتماعي مثل فيسبووك، واتساب، و عن طريق الرسائل القصيرة. تجدون أدناه نص الرسالة، بعد أخذها من حساب إبراهيم. س. على حسابه في الفيسبوك.

نص الرسالة: لايمكن التصديق و لكنه حقيقة، و هذا يخصنا جميعا رجالا و نساء.
هذا الصباح، يطلب أستاذ التاريخ الذي يدرس ابنتي في السنة الثالثة إعدادي، من جميع الفصل أن يرفع جميع التلاميذ المسلمين في الفصل أيديهم. ثم طلب منهم الخروج من الفصل لأنه سيعرض صورة ستثير سخطهم.
خرج البعض والبعض الآخر رفض الخروج من بينهم ابنتي. بعد ذلك، عرض هذا الأستاذ صورة لشخص عار وقال لهم بأن هذا الشخص هو نبي المسلمين، نبينا الحبيب صلى الله عليه و سلم عار تماما….
عار أن يأتي هذا الفعل من أستاذ يعلم أبناءنا/ أبناءكم التاريخ.
من ناحيتي، لن أترك هذا يمر، إذا، سأذهب لرؤية المدير لأن ابنتي تم إبعادها من الإعدادية لمدة يومين.
إذا كنتم لا توافقون على هذا الأمر، يمكنكم كتابة رسالة لمدير المؤسسة لطرد هذا المريض وسأعطيكم العنوان.
يجب طرد أستاذ التاريخ المختل من الإعدادية.
بعد اطلاعه على نص الرسالة (من خلال الواتساب أو من خلال رسالة قصيرة بكل تأكيد)، قرر عبد الحكيم الصفريوي الاتصال بإبراهيم س. ليتأكد من المعلومة. أكد له هذا الأخير أن هذه الرسالة هو من نشرها وأكد له القصة الواردة في الرسالة. بعد أن أبدى نيته للذهاب إلى إدارة الإعدادية للاستفسار عن هذا الحادث، اقترح عبد الحكيم الصفريوي على والد الفتاة أن يرافقه لهذا الغرض. فضربا موعدا اليوم الموالي صباحا، أي الخميس 08 أكتوبر، أمام إعدادية بوا دولن Boisd’Aulne المتواجدة بكونفلان سانت أونورينConflans-Sainte-Honorine ، خلافا لما تم الإيماء إليه في بعض المقالات[4]. ولقد أشار هو نفسه إلى هذا الموعد، مرتين، في الفيديو الذي تم نشره يوم 11 أكتوبر.
في المقطع الأول من الفيديو الذي نشره، صور باب دخول المؤسسة و هو يقول (فيما يلي نص المقطع بكامله):
« السلام عليكم، نحن أمام إعدادية بوا د ولن Bois d’Aulne المتواجدة بكونفلان سانت أونورين Conflans-Sainte-Honorine ، حيث فعل دنيء آخر تم مرة أخرى. لقد شهدنا هذا الأسبوع ببساطة شديدة جواب وغد voyouيمتهن التعليم لدعوة السيد رئيس الجمهورية إلى كراهية المسلمين، إلى مكافحة المسلمين، إلى التنديد بالمسلمين (الخطاب المتعلق بمشروع القرار الخاص بالانعزالية، ملحوظة المحرر). نحن ننتظر هنا منذ 45 دقيقة في البرد، لأن المديرة، في اجتماع. لم يسمحوا لنا حتى بالدخول إلى البهو. على أي، 45 دقيقة و نحن هنا. »
في المقطع الآخر من الفيديو، حيث يتحدث أمام الكاميرا، في يوم آخر وفي مكان آخر غير كونفلان سانت أونورين Conflans-Sainte-Honorine ، كان يقول ( و هذه البداية للمقطع الآخر من الفيديو):
« لقد ذهبت، مع إبراهيم، والد الفتاة ز.، بصفتي ممثلا عن مجلس أئمة فرنسا لرؤية إدارة الإعدادية. إذن كما كنت قد قلت أمام الإعدادية. كان هناك عدم احترام في الأساس لأننا تركنا ننتظر لساعة في البرد والريح. وعندما تم إدخالنا إلى المؤسسة، فسرنا خطورة الأمر. لكن، ذلك لم يبد أن الأمر صدم المديرة ولا حتى المستشارة الرئيسية التربوية CPE. في الظاهر، لقد كانتا على علم بالأمر. و بأن هذا الأمر يتم منذ 5-6 سنوات. هذه 5-6 سنوات و أطفال بعمر 12-13 سنة ، من المسلمين، يصدمون و يعتدى عليهم و يذلون أمام زملائهم. هذا ما قالوه لنا، الأطفال الذين تحدثنا إليهم (التلاميذ- ملحوظة المحرر). و هذا لم يطرح أي إشكال.
إذن، قمنا بالتعبير عن رفضنا و عن، أود القول، استغرابنا أن الإدارة يمكنها أن تعلم عن الأمر و تسمح به. و من ناحية أخرى، قيل لنا أيضا أن ذلك تم نشره على الموقع الخاص ببرنامج المدرسة. فجعلنا الإدارة تعرف أننا، نحن، مجلس أئمة فرنسا، و مسلمي فرنسا نرفض بشكل قطعي هذا النوع من التصرفات اللامسؤولة و العدوانية و التي لا تحترم حق هؤلاء الأطفال في الحصول و المحافظة على سلامتهم النفسية. فطلبنا بالتالي، قلنا أننا طلبنا الوقف المؤقت لهذا الوغد، لأنه لم يكن أستاذا، الأستاذ شيء آخر، إنه يحمل رسالة نبيلة. من جهة أخرى، هذا هو الحال بالنسبة لنسبة كبيرة من الأساتذة الذين يحترمون مهنتهم، ويحترمون غاية عملهم.
لكن في نهاية مقابلتنا، فهمنا أنه لن يكون هناك أي تصرف من طرف المؤسسة. لقد أخبرونا بذلك. لكن أبلغونا أنهم سيوصلون المعلومة إلى الجهات المسؤولة. »
فقد تمت الإشارة من طرف المعني بالأمر إلى موعد خلص إلى إبقاء الوضع على ما هو عليه و إلى عدم التقاء في المواقف بما أن إبراهيم. س. و عبد الحكيم الصفريوي طالبا من جانبهما بعقوبة تأديبيةـ في حين أن الإدارة أبدت لا مبالاة لهذا الطلب و أظهرت الدعم لأستاذها. لكن، الإدارة رفعت فعلا المعلومة إلى الجهات المختصة، بحيث أن إبراهيم س. سينتهي به الأمر في وقت متأخر من يوم 08 أكتوبر بتلقي اتصال من المفتشية التابعة للأكاديمية[5].
في المقاطع الخاصة بجلسة استنطاق إبراهيم س. التي نشرتها مجلة Le Parisien لوباريزيان[6]، قال هذا الأخير بشأن هذه المقابلة مع الإدارة: » حدثتنا عن حرية التعبير. فأجبتها أن حرية التعبير لا تتمثل في عزل التلاميذ ». وأضاف قائلا: « بقي موقف الإدارة غامضا ملتبسا، فلم تتحدث عن حصة التاريخ […] قالت لي أن ابنتي غالبا ما كانت تأتي متأخرة، وتتكلم بوقاحة. فقلت لها أنني لم أكن أعلم ذلك. وبأن يومين، إذا كانت وقحة، ليست كافية لتأديبها. »
يجب التنويه أن هذه المقابلة مع الإدارة لم يشبها أي حادث. تقدم عبد الحكيم الصفريوي للمقابلة بصفته عضو مكتب مجلس أئمة فرنسا. رغم ما تناقلته بعض وسائل الإعلام، لم يتقدم عبد الحكيم الصفريوي على أنه « مسؤول الأئمة في فرنسا »، لكن بصفته عضو مكتب جمعية تسمى « مجلس أئمة فرنسا ». فوافقت الإدارة على استقباله على هذا الأساس.
رغم تعارض وجهات النظر، انتهى اللقاء بصفة طبيعية جدا. لم تتقدم مديرة المدرسة بشكاية عن المقابلة التي لم تكن إلا مقابلة طبيعية. باستثناء بعض أحكام القيمة التي تناقلتها بعض المقالات[7] حول الحدة التي نسبت لإبراهيم س. وعبد الحكيم الصفريوي في التعبير عن طلب العقوبة التأديبية، كانت هذه المقابلة عادية للغاية من حيث سيرها.ثم أنه من ناحية أخرى، انقضت ثمانية أيام بين هذا الموعد وعملية الاغتيال التي قام بها الإرهابي أنزوروف بدون أن يفضي هذا الموعد لأي حدث آخر غير تدخل مفتشية الأكاديمية، في نفس الخط الذي التزمت به الإدارة أمام الرجلين برفع المعلومة إلى الجهات المختصة.
في الأخير، يجب التأكيد على أنه من الواضح أن محتوى الموعد والآراء المتبادلة مع إدارة الإعدادية قد جعلا عبد الحكيم الصفريوي يفكر بأن الوقائع التي وصفها إبراهيم س. و ابنته ز. تبدو ذات مصداقية و مؤكدة. بحيث أنه بعد مرور أيام قلائل، سيقوم بنشر فيديو عن هذه الحصة الجدلية.
الفيديو الذي نشره عبد الحكيم الصفريوي
يتعلق الشق الثاني من علاقة عبد الحكيم الصفريوى بهذه القضية بالفيديو الذي ظهر يوم 11 أكتوبر على يوتيوب على الساعة 11:50 مساءا. سيقوم المعني بالأمر بسحب هذا الفيديو مساء يوم 16 أكتوبر إثر الحادث، احتراما للضحية و نظرا لخطورة اللحظة.
لا بد من التذكير هنا أن حذف الفيديو لم يكن في مصلحة عبدالحكيم الصفريوى، لأن هناك الكثير من التخمينات نتجت عن هذا الحذف خلط البعض هذا الفيديو مع مصطلحات خرافية، واصفا إياه « بالفتوى »، و هو مفهوم لا يمت إلى الموضوع بصلة لأنه كان يمثل فقط تعبيرا عن رأي أو نقل بسيط للمعلومة.
لكن هذه المفردات تم استعمالها عن قصد، بهدف التلميح أن « فتوى » هي مفهوم قدحي لعقوبة الموت. و كان هذا هو الشيء المستغرب خصوصا في موقف أحد أعلى ممثلي الدولة، في شخص وزير الداخلية جيرالد دارمنان، الذي يقول بشأن إبراهيم س. و عبد الحكيم الصفريوي » من الواضح أنهما ألقيا فتوى ضد هذا الأستاذ « [8].
يترتب عن هذه المقولات مباشرة تأكيدان: التأكيد الأول يريد أن يجعل هذين الرجلين قد قاما عمدا بالاحتجاج بهدف الوصول إلى نتيجة قتل الأستاذ صامويل باتي. التأكيد الثاني يدعي أن مضمون علاقتهما بهذا الملف ذات طبيعة غير قانونية و يشكل دعوة حقيقية، وسيلة أكيدة تتيح بلوغ هذه النتيجة. في هذا المستوى من التحقيق، وفي لحظة جد مبكرة وبعد أن تم التفوه بهذه الأقوال، فإنها تشكل طعنا صريحا لقرينة البراءة، بما أنه لا يوجد أي تحفظ يكسر حدة هذه المزاعم. نفس الشيء بالنسبة لرئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون، خلال تصريحه بتاريخ 20 أكتوبر 2020 من ولاية أمن بوبيني، معلنا حل كوليكتيف الشيخ ياسين أو إئتلاف الشيخ ياسين، فهو يعتبر الجمعية « متورطة مباشرة في عملية الاغتيال »[9].
تشكك تصريحات كهذه، في افتراض البراءة، وفي مسألة أخرى لها نفس الأهمية، إن لم نقل ذات أهمية أكبر، ألا وهي فصل السلطات. ثم أن عملية حل الجمعية طرأت في ظروف بحيث يجد عبد الحكيم الصفريوي نفسه محروما من الكلام، وقيد الاعتقال، فهي بهذا تشكل اعتداء صريحا جدا على افتراض البراءة. ومن ناحية أخرى، إنه من الهام التأكيد بأن عبد الحكيم الصفريوي لم يتحدث في أي وقت في الجدل القائم باسم جمعية إئتلاف الشيخ ياسين.
مهما كان الأمر، يتكون الفيديو الذي نشره عبد الحكيم الصفريوي، و الذي تبلغ مدته 10 دقائق و 9 ثواني، من أربع مقاطع متمايزة.
- المقطع الأول، و الذي سبق ذكره سابقا، يتشكل من تصوير باب دخول إعدادية بوا دولنBois d’Aulne ، في اللحظات التي سبقت الموعد مع إدارة الإعدادية. يمتد هذا المقطع القصير حوالي 40 ثانية.
- المقطع الثاني، و الذي يمتد حوالي دقيقة و احدة و 48 ثانية يتمثل في شهادة تلميذة الإعدادية ز.، و التي تم تصويرها بشكل لا يسمح برؤية وجهها. كانت تحكي روايتها للمقطع الجدلي حول حصة الأستاذ باتي. كما وصفت أيضا فيه شعورها بالتمييز من جراء الأحداث الطارئة.
- المقطع الثالث، و الذي تبلغ مدته دقيقتين و 23 ثانية، يتكون من إعادة تصوير إبراهيم س، كما نشرها أول مرة على حسابه على الفيس بوك بتاريخ 08 أكتوبر. في هذا الفيديو، كان والد الفتاة يتحدث بهدوء، ويحكي روايته للأحداث وللمشاعر المكلومة والمخيبة للآمال بشأن الوضعية. وفي هذا المقطع، لم يقم بتاتا بذكر السيد باتي. فقد دعا الناس إلى الاتصال به، في محاولة تبدو على أنها بحث للتعاون حول المشكل الذي يواجهه. ومن ناحية أخرى، توجه والد الفتاة، على وجه الخصوص، لأولياء التلاميذ الآخرين في نهاية الفيديو.
- المقطع الرابع والأخير، تم ذكره أيضا مسبقا، يمتد لحوالي 4 دقائق. تم أخذ هذا المقطع من طرف وسائل الإعلام وتم تداوله على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي[10] بطريقة جزئية ومبتورة. في هذه النسخة من المقطع المتداول على وسائل التواصل الاجتماعي، فقط دقيقتان و 20 ثانية من التدخل هي التي تظهر. وهذا لا يبدو أمرا طبيعيا، باقي المقطع كان يتيح إعادة إدراج هذا التدخل في وحدة سياقية أوسع. وحدة التنديد بكراهية الإسلام الشائعة ومحور حقوق الطفل والعنف النفسي الذي يمثله بالنسبة للأطفال هذا النوع من المحتويات و هذا النوع من إجراءات التمييز بين التلاميذ المسلمين و التلاميذ غير المسلمين.

فيما يخص المحتوى، يتضمن فيديو عبد الحكيم الصفريوي عدة ملامح:
- ملمح نقل المعلومة:
نقل شهادة تلميذة الإعدادي ز. وشهادة والدها إبراهيم س. بغض النظر عن مدى صحة الوقائع المعروضة من قبل التلميذة ز. ووالدها، هذه المسألة على التحقيق الجاري أن يحددها. فالفيديو عبارة عن جمع ونقل بسيط للمعلومة، و لشهادة حول وقائع معينة. نفس الشيء بالنسبة لعبد الحكيم الصفريوي، فهو عندما يعرض بإيجاز مقابلته مع إدارة الإعدادية، فإنه يشارك معلومة مع الجمهور. سنلاحظ أن مجموع أقواله لا يتضمن أي دعوة إلى القتل.
- ملمح الإدانة السياسية:
في المقطع الأول من الفيديو، يتحدث عبدالحكيم الصفريوي عن العلاقة التي يريد إثباتها بين الجدل القائم حول حصة الأستاذ باتي والسياق السياسي الوطني، وخصوصا خطاب إيمانويل ماكرون عن مواجهة مظاهر الانعزالية والذي ألقاه في لي موروMureaux اليوم الثاني من أكتوبر 2020.[11]وقد أثار هذا الخطاب انزعاجا كبيرا داخل الجالية الإسلامية.
كما عبرت عدة شخصيات وتحليلات عن قلقها بشأن الخلط الذي راج في الخطاب وبشأن الانحرافات التي قد يجر إليها هذا الخطاب والإجراءات التي يهدف إلى تطبيقها. نبعت هذه التخوفات على حد سواء من فرنسا ومن ملاحظين أجانب. ولم تفتأ هذه التخوفات أن تعززت إثر الإجراءات الزجرية والتمييزية التي اتخذتها الحكومة كجواب على عمليتي اغتيال كونفلان-سانت-أونورين Conflans Sainte-Honorine – و نيس Nice. و نظرا للطريقة التي أدار بها الرئيس سياسته التواصلية حول مسألة الإسلام خلال الأسابيع الأخيرة، و للطريقة التي بينت أنه لا يحب بعض المصطلحات[12] التي استعملت لوصف سياسته، فأخذ ملف كونفلان-سانت-أونورين Conflans-Sainte-Honorine و تصريحات عبد الحكيم الصفريوي بشأنه مأخذا جديا خاصا. و هذا سبب محتمل قاده إلى إصدار تصريحات متسرعة على أقل تقدير، ذاكرا « التورط المباشر » لعبد الحكيم الصفريوي في عملية اغتيال كونفلان-سانت-أونورين Conflans Sainte-Honorine– مشككا، كوزيره الأول ، في افتراض البراءة.
كما أن، نقطة دخول عبد الحكيم الصفريوي في هذا الاحتجاج الذي بدأه إبراهيم س. لا يتمثل فقط في نشر الرسوم الساخرة من طرف الأستاذ باتي بقدر ما يتمثل في الطريقة التي وصفتها التلميذة ز. و والدها من فصل للتلاميذ المسلمين عن غير المسلمين. بالنسبة إليه، أتت هذه الطريقة لتعميق الوقع التمييزي في جوهره لهذه الرسوم الساخرة و جاءت لترسيخ الفكرة أن هذه الرسوم لم تعد تخدم، كما يجب، بصفتها و سيلة وسائطية موثوق بها و رشيدة في تعزيز حرية التعبير، و لكن تخدم التمييز و التفريق بين الأفراد. من خلال الاحتجاج ضد نشر هذه الرسوم و ضد طريقة الفصل التي وصفت له، فإن عبد الحكيم الصفريوي كان يحتج بطريقته ضد انحراف العلمانية عن مسارها. في هذا الاتجاه، كان عبد الحكيم الصفريوي يمارس أيضا حق استنكار ما تبين له على أنه تجليا للتمييز و الفصل للتلاميذ المسلمين، أي بالتالي على أنه تجليا لكراهية الإسلام. سنلاحظ أيضا أن حديثه لم يتضمن إطلاقا أي دعوة إلى القتل أو إلى العنف.
- ملمح التأكيد على حماية الطفولة:
في المقطع المتداول على شبكات التواصل الاجتماعي، و في وسائل الإعلام، كان هذا التأكيد على حماية الطفولة و الذي شدد عليه عبد الحكيم الصفريوي، هو، أساسا، الجزء المبتور. إذ أنه كان يدين ما كان يعتبره « مساسا بحقوق الأطفال » و « عنفا نفسيا » يمارس على هؤلاء الأطفال من خلال نشر صور شبه إباحية، و كذا من خلال إجراء التمييز و الفصل الذي، من المفترض أنه تم عند عرض الرسوم. بالتالي، كان يدعو آباء و أولياء التلاميذ أن يتوخوا » الحيطة و الحذر الشديدين » حتى لا يكون أبناؤهم ضحية لعنف مماثل. كما سنلاحظ هنا أيضا مرة أخرى أن هذه التصريحات لا تتضمن إطلاقا أي دعوة للقتل.
- ملمح الدعوة إلى التدخل و التعبئة القانونيين:
يبدو أن قلب القضية و اتهام عبد الحكيم الصفريوي يتمثل في بحثه المزعوم الخاص بالعملية الإرهابية التي ارتكبها أنزوروف. ما هي العناصر الدقيقة التي يمكنها أن تبرر اتهاما كهذا؟ ما هي الدعوات التي يتضمنها خطاب عبد الحكيم الصفريوي في هذا الفيديو؟ تتضمن الدعوة إلى التدخل التي ينادي بها خطاب عبد الحكيم الصفريوي شقين اثنين :
1ـ شق أول، قام به هو بنفسه و الذي انتهي تلقائيا بالذهاب لمقابلة إدارة الإعدادية بهدف مناقشة المشكل و المطالبة بالعقوبات التي، حسب رأيه، لا بد أن تطبق. وكما ذكرنا ذلك مسبقا، لا تمثل هذه الواقعة أي مشكل في الملف.
2ـ شق ثاني، تم التعبير عنه وفق مصطلحات مشروطة، تعلق بالتنظيم المحتمل لتجمعات. قال عبد الحكيم الصفريوي بهذا الشأن: » ذهبنا من هناك (من المقابلة مع الإدارة، ملاحظة المحرر) ولدينا النية الصارمة في تعبئة تجمع أمام المؤسسة وأمام مفتشية الأكاديمية. » كان يرى هذا المتعود على التجمعات المصرح بها في ولاية الأمن أن هذه وسيلة للتعبير عن الاحتجاج ولتحقيق الإنصاف. فالقانون ينص و يضمن هذه الطريقة في المطالبة، و أضف إلى ذلك أنها جزء لا يتجزأ من الثقافة الوطنية الفرنسية.
3ـ من ناحية أخرى، قبل أيام قلائل من الفاجعة، و هو يتحدث مع شخص قريب حول إمكانية تنظيم تجمع أمام المؤسسة، وافق عبد الحكيم الصفريوي على أن هذا التجمع لا يمكنه أن يتم، مهما حصل، إلا يوما تكون فيه الإعدادية مغلقة، فقط بهدف تسجيل رمزية الحدث و عدم إرباك الحياة المدرسية. كما أنه تحدث مع آخرين، عن الفكرة البديلة التي تتمثل في تنظيم وجبة ودية مفتوحة للجميع في مدينة كونفلان-سانت-أونورين Conflans-Sainte-Honorine و ذلك للتعريف بالوجه الحقيقي للإسلام الذي، حسب تقديره، تعرض للتشويه و للوصم في حصة الأستاذ باتي.
و أخيرا، دعا عبد الحكيم الصفريوي مؤخرا آباء و أولياء التلاميذ إلى توخي « الحيطة و الحذر » بشأن إمكانية حدوث وضعيات مشابهة مفترضة لأطفالهم. قد يبدو التعبير عن مطلب بهذا الصدد للبعض أمرا مشينا لكنه يتعلق بحرية التعبير عن رأي، والتي يضمنها القانون. زد على ذلك أن عبد الحكيم الصفريوي كان مدرسا في وزارة التربية الوطنية لأكثر من عشر سنوات، فهو يمتلك، بالتالي، على أقل تقدير، الشرعية التي يمتلكها كل واحد للتعبير عن رأيه في هذا الأمر.
و هكذا، لم تتمثل تصرفات عبد الحكيم الصفريوي، التي قام بها و التي كان يفكر في القيام بها، إلا في عناصر قانونية تماما لا على مستوى المصطلحات المختارة و لا على مستوى النوايا الواضحة التي تحركها. نوايا يثبتها تدخل عبد الحكيم الصفريوي، الذي كان دائما ما يندرج في الشرعية القانونية، رغم مراجعة مجموع أعماله على ضوء الجريمة البشعة التي خطط لها وارتكبها أنزوروف وحده.
- الملمح الجدلي لاستعمال كلمة « وغد » أو « voyou« :
نظرا للجريمة التي لا توصف والتي راح ضحيتها صامويل باتي، والحداد الذي تواجهه أسرته، ترن كلمة « وغد »» «voyou، التي استعملها عبد الحكيم الصفريوي عدة مرات في الفيديو الذي نشره، ترن كاعتداء خطير. يمكن تفهم ذلك، لا يمكن لبعض الظروف المأساوية إلا أن تجعلنا نتفهم ورود أخطاء في استعمال بعض الكلمات السطحية.
فكلمة « وغد »جزء مؤكد من هذه الكلمات في هذه الوضعية المؤلمة. لكن، أيا كانت الزاوية التي نرى من خلالها، فإن كلمة « وغد » لا تعد سوى كلمة قدحية تافهة، تظهر في أدنى مستوى من مستويات الشتائم. لا تتضمن هذه الكلمة أي دعوة إلى القتل أو العنف. تأكيد العكس لا يعد سوى خطإ منطقي في الإثبات. وهو، من ناحية أخرى، مناقض لما جاء في باقي الكلمات المستعملة في الفيديو إذا أخذناها بعين الاعتبار. ثم أن ذلك مخالف لطبيعة عبد الحكيم الصفريوي و لواقعه المعاش بحيث أنه لم يتم متابعته قانونيا أبدا لأي أدنى حادث عنف.
و هكذا، لا بد من الخروج من إعادة قراءة القصة بعديا، لإعادة إدراج المصطلحات في السياق الذي ذكرت فيه. يتمثل هذا السياق ببساطة في رؤية عبد الحكيم الصفريوي التي انبنت على أساس أن رجلا أظهر لتلاميذ رسما ساخرا فاحشا على وجه خاص، واضعا بالإضافة إلى ذلك إجراء مفترضا للتمييز و الفصل بين التلاميذ المسلمين و التلاميذ غير المسلمين. كان عبد الحكيم الصفريوي قد استعمل هذه الكلمة « وغد » لوصف شخص، حسب رأيه، انحرف بمهمته كأستاذ من خلال اللجوء إلى سلوك صادم و جارح اتجاه التلاميذ. في جميع الأحوال، لا يتضمن المصطلح أي حمولة تدعو إلى العنف، ناهيك عن القتل الوحشي الذي ارتكبه الإرهابي أنزوروف من تلقاء نفسه.
في نهاية المطاف، يجب التذكير أن عبد الحكيم الصفريوي لم يذكر أبدا بأي وجه كان اسم الأستاذ المتوفى صامويل باتي. فإنه لم يعط أبدا لاحتجاجه أي بعد آخر باستثناء البعد السياسي. و قد روجت وسائل الإعلام لعدة مغالطات بهذا الصدد، رابطة وضعية عبد الحكيم الصفريوي بوضعية إبراهيم س.، الذي ارتكب الحماقة الغير مقصودة بإفصاحه عن اسم الأستاذ باتي. يبدو أنه فعل ذلك ليتيح للناس الذين يودون التعبير عن استيائهم لدى المؤسسات المختصة من خلال وقائع مستفيضة. خلال الاستماع لأقواله، قدم إبراهيم س.تفسيرا عن ذلك قائلا: « أردت أن يتمكنوا (الناس) من التأكد من صحة الوقائع، أردت أن يتمكن الناس من مراسلة الإعدادية » [13]. من جهته، رفع عبد الحكيم الصفريوي الحديث إلى مستوى المبادئ، لهذا، لم يستهدف شخص السيد باتي.
على أي حال، و نظرا للطرق الغريبة التي لجأ إليها الإرهابي من خلال تجنيد بعض تلاميذ الإعدادية رغما عنهم في هذه الفاجعة، لا يبدو أنه كان في حاجة إلى هذه المعلومة ليرتكب جريمته. لقد صرح وكيل الجمهورية ريكارد بنفسه في المؤتمر الصحفي ليوم 21 أكتوبر : » أثبت التحقيق على أن مرتكب الأحداث حصل على لقب الأستاذ، و على اسمه و على التموقع الجغرافي للإعدادية، في حين لم يكن يتوفر على الوسائل التي تمكنه من تحديد هوية الأستاذ. بل إن تحديد الهوية لم تكن ممكنة لولا تدخل تلاميذ الإعدادية لنفس المؤسسة. » [14].
ثم أنه، في هذا المؤتمر الصحفي، ذكر وكيل الجمهورية بطريقة مبهمة كيف أن إبراهيم س. ذكر علانية اسم السيد باتي. ففهمنا، من خلال هذه التصريحات، أن إبراهيم س. أصدر فيديو ثاني، يذكر فيه اسم السيد باتي. لأن الفيديو الأول ليوم 08 أكتوبر، و الذي أعاد استعماله عبد الحكيم الصفريوي في الفيديو الذي نشره، لم تذكر فيه هذه المعلومة. لكن، لا يبدو أن هناك أي أثر لهذا الفيديو الثاني المحتمل على صفحة فيسبوك لإبراهيم. س ، أو على يوتيوب. من الممكن أن يكون قد تم حذفه لاحقا. بالإضافة إلى واسطة الفيديو، قام وكيل الجمهورية بذكر الرسائل المكتوبة على شبكات التواصل الاجتماعي من قبل إبراهيم س. و التي تتضمن هذه المعلومة.
أيا كان، لم يتداول عبد الحكيم الصفريوي أبدا اسم الأستاذ باتي و لم يكن على علم على أنه تم ذكرها علنا من طرف إبراهيم س. ، الذي، من ناحية أخرى، سحب بسرعة الرسائل المعنية بالأمر، كما وصف ذلك وكيل الجمهورية ريكارد في مؤتمره الصحفي وهذا، بشكل خاص و بكل وضوح، عن مجلس الأفراد الذين يتفاعلون مع إبراهيم س. على شبكات التواصل الاجتماعي لإبلاغه بالطابع الخطر لهذا الإفصاح، و الذي لم يأخذه بعين الاعتبار سلفا.
يعد هذا العنصر عنصرا أساسيا على الإطلاق، نظرا لأن وكيل الجمهورية ريكارد في مؤتمره الصحفي بتاريخ 21 أكتوبر جعل السبب الرئيسي و الملموس لإدراج إبراهيم س. و عبد الحكيم الصفريوي في القضية هو أن « الأستاذ تم تعيينه باسمه و استهدافه على شبكة التواصل الاجتماعي من طرف الرجلين، من خلال مناورات و إعادة تأويل للوقائع. » لكن « سمى » يعني إعطاء الاسم بدقة لشخص ما. لقد تم الإثبات بوضوح أن عبد الحكيم الصفريوي لم يذكر اسم الأستاذ، لأنه في جوهر الأمور، تم تجاوز اسم الأستاذ، فضمن المنهجية التي يتبعها عبد الحكيم الصفريوي، فهو لم يكن أساسا يتعامل مع هذا الأستاذ كمخاطب.
كذلك، خلافا للمغالطة أيضا هنا التي تداولتها وسائل الإعلام، لم يكن أبدا عبد الحكيم الصفريوي على اتصال بهذا الإرهابي. فرقم هاتفه متاح للعموم و على نطاق واسع، و هذا كان يمكنه، مع ذلك، أن يكون هو الحال صدفة دون أن يثبت أية مسؤولية. يجب التذكير بهذه الوقائع الهامة و التي يلخصها جيدا الأستاذ أنطوان أليكسييفAntoine Alexiev، محامي عبد الحكيم الصفريوي قائلا: « زبوني ليس له أدنى فكرة عما كان سيحدث، لم يكن له أي اتصال بينه و بين الإرهابي المفترض، لا شيء يبرهن حتى على أن أنزوروف كان قد شاهد الفيديو الذي نشر »[15].
وأخيرا، من المفيد أن ننوه، خلال المؤتمر الصحفي المنعقد بتاريخ 21 أكتوبر، بالتقدم الملموس للتحقيق، سيذكر جان فرانسوا ريكارد عنصرا ليس بالبسيط. فعند ختام حديثه، و بعد أن وضع بطريقة منهجية جدولا للعناصر المتعلقة بعبد الحكيم الصفريوي و بإبراهيم س. فلقد ذكر، بالفعل، « ثلاثة اتصالات بين يومي 9 و 11 شتنبر لثلاثة أجهزة إعلامية تابعة للقاعدة أو من ذراعها باليمن »، بشأن نشر الرسوم الساخرة و الدعوة إلى « القيام بأعمال إرهابية في فرنسا » و « اغتيال كل من كانوا وراء نشر هذه الرسوم »[16]. إن إرادة التقريب بين إنتاجات إعلامية لمجموعات إرهابية والاستعمال البسيط لحرية التعبير من طرف مواطنين فرنسيين كانت قسرية، لكنها خطيرة بما فيه الكفاية للتأكيد عليها هنا.
يتضح أن محاولة التقريب هذه تعتمد على المفترض الضمني بأن من المفروض أن يتم إخبار المسلمين بمستجدات الإرهاب الدولي. عند ذكر هذا الجزء من المعلومة الذي يجهله المسلمون في غالبيتهم العظمى، وخاصة الفرنسيون منهم، فإن وكيل الجمهورية المتخصص بمكافحة الإرهاب ساهم في ترويج فكرة تخرق افتراض البراءة. فكرة تجعل من احتجاج إبراهيم س. و عبد الحكيم الصفريوي ليس جوابا باستعمال مواطنين لحرية التعبير و الرأي بل جوابا على دعوة مجموعة إرهابية أجنبية و مبايعتها على ذلك. هذا الخلط خطير ومن خلال الطريقة الخفية التي يتم الترويج لهذه الفكرة، فهو عرضة لأن يتم استعماله اتجاه أي نشاط قانوني لأي مسلم.
ز. هل كذبت فتاة الإعدادي التي كانت مصدر الجدل المثار؟
سريعا جدا بعد الفاجعة، أصدر جان فرانسوا ريكارد، وكيل الجمهورية لمكافحة الإرهاب ووسائل الإعلام على أثره أن ز. تلميذة الإعدادية، التي تعد مصدرا للجدل القائم كانت قد كذبت في الحقيقة. فهذه التلميذة لم تحضر لحصة الأستاذ باتي التي قام فيها بإظهار الرسوم المسيئة. وقد شددت وسائل الإعلام كثيرا على هذه النقطة، مما سبب في تحويل الانتباه بطريقة واضحة جدا من المسألة الرئيسية إلى مصداقية التلميذة التي أثارت القضية.
لم تعد المسألة الرئيسية هي معرفة مدى شرعية وقانونية المنهجية البيداغوجية لعرض الرسوم الساخرة ومدى قانونية إجراء الفصل أو التمييز بين التلاميذ المسلمين والآخرين. أصبح الرهان هو معرفة ما إذا كانت التلميذة ز. كاذبة. إذا كان هذا هو الحال، فلن يصبح الملف في عمقه ذي أهمية. و على هذا السؤال، سب و أن وجد جان فرانسوا ريكارد و وسائل الإعلام جوابا نهائيا.
لكن، يؤكد محامي إبراهيم س. ، السيد نبيل الأوشكيلي أن هناك « عناصر تمكن من إعطاء مصداقية أكيدة لحادث مرتبط بفصل التلاميذ المسلمين عن التلاميذ غير المسلمين، يوم الاثنين 5 أكتوبر »[17]، اليوم الذي تحضر فيه بكل تأكيد التلميذة ز. لحصة الأستاذ باتي. لتوضيح هذه المسألة المتعلقة بحضور التلميذة ز. لهذه الحصة و بالمحتوى الدقيق لهذه الحصة، طلب السيد الأوشكيلي الاستماع إلى جميع تلاميذ القسم المعني بالأمر.
من ناحية أخرى، أن تكون التلميذة ز. حاضرة أم لا، سؤال سينتهي التحقيق، بكل تأكيد، بإيضاحه نهائيا. بل سيتم الكشف عن حقيقة الإجراء الذي قام بفصل التلاميذ، و حقيقة محتوى الحصة الذي لم يكن شاملا لجميع التلاميذ من خلال عدة عناصر حاسمة.
في البداية، كانت هناك الإفادة التي أدلى بها السيد باتي. و بالفعل، إثر وضع شكوى السيد إبراهيم س. و ابنته التلميذة ز.، تم الاستماع للسيد باتي بخصوص هذه الشكوى و طلب منه أن يضع هو أيضا شكوى بتهمة التجريح. و في شكايته، صرح بالتالي: « لقد كنت اقترحت لتلامذتي أن يصرفوا نظرهم عن الرسوم لبعض الثواني إذا كانوا يعتقدون أنهم صدموا لسبب أو لآخر. في أي لحظة، لم أصرح للتلاميذ: « المسلمون، يمكنكم الخروج لأنكم ستصدمون. » » و لم أطلب من التلاميذ أولئك الذين كانوا من الديانة الإسلامية. » [18] إذن، هنا، نفى أنه حدد التلاميذ المسلمين أو أنه اقترح عليهم أن يخرجوا من الفصل، يعترف السيد باتي ضمنيا أن المحتوى الذي قام بعرضه قد يكون صادما للأطفال، و أنه كان يعلم ذلك مسبقا. ثم أنه إذا نفى أنه أقام تمييزا بين التلاميذ المسلمين والتلاميذ الغير مسلمين، فعلى الأرجح، نعتقد أن التلاميذ الذين سيتعرضون لصدمة هذا الرسم الساخر كانوا هم التلاميذ المسلمين، الذين كان عليهم أن يعيشوا تجربة صعبة ألا و هي رؤية نبيهم عار و في وضعية مهينة و فاحشة. إلا إذا كان السيد باتي كان يفكر في إمكانية الصدمة البصرية فقط فيما يخص مسألة العري، والتي تم عرضها في سياق شبه إباحي.
بالإضافة إلى اعتراف السيد باتي بالإجراء الذي تم عرضه أعلاه و الذي يبقى في حد ذاته قابلا للمساءلة و للنقد، مكنت عناصر أخرى من إثبات حقيقة الإجراء التمييزي بين التلاميذ المسلمين و التلاميذ غير المسلمين. تحكي عدة إفادات للتلاميذ من إعدادية بوا دولن التي تم جمعها من طرف الصحافة مقترح السيد باتي الذي كان قد عرضه للتلاميذ بأن يغادروا فصل الدراسة لحظة نشر الرسوم الساخرة لأنهم قد يصدمون منها.
من بين هذه الشهادات، هناك شهادة ظهرت مبكرا جدا، في نفس مساء الفاجعة، شهادة نور الدين س.، والد تلميذ، كان، على الأرجح، تلميذ الأستاذ باتي و الذي كان حاضرا في نفس الحصة التي عرضت فيها الرسوم الساخرة. يقول هذا الأب أمام الكاميرا. « الجدل المثار كان بسبب أنه تم إخراج الأطفال المسلمين، قال لي ابني كان ذلك فقط حرصا عليهم، كان ذلك بدافع الطيبة فقط، لأنه كان سيعرض رسما ساخرا لنبي الإسلام. لقد قال فقط للتلاميذ المسلمين: « اخرجوا، لا أريد أن يؤلمكم ذلك. » وهذا ما قاله لي ابني. فغادروا حجرة الدراسة. وعندما أخرج التلاميذ المسلمين من القسم، لم يكن ذلك بهدف التمييز أو الفصل. كان ذلك حقيقة حرصا عليهم. »[19]
و كان هناك أيضا شهادة لودريك، تلميذ الأستاذ باتي، و التي نقلتها مجلة ليبراسيونLibération: » لقد اقترح على التلاميذ المسلمين الخروج من حجرة الدراسة و عرض علينا صورة لمحمد و هو عار. وفسر أن ذلك كان رسما ساخرا. بعد ذلك، رجع التلاميذ وأرادوا معرفة ما الذي حدث ولكن في تلك اللحظة، لم نقل شيئا واستأنفنا الحصة كما لو أن شيئا لم يحدث »[20].
هناك أيضا تصريح بابي برايم Pape Bryam ، هذا التلميذ من إعدادية بوا دولنBois d’Aulne الذي أدهش متصفحي الأنترنيت، بتعبيره الذي يفيض نضجا. في حديثه أمام الكاميرا [21]، و نقلته باري ماتشParis Match، أدلى بالتصريح التالي:» » اقترح على التلاميذ (المسلمين، الذين قد يكونوا صدموا من جراء الرسوم الساخرة، ملاحظة المحرر) الخروج، يحكي التلميذ. التلاميذ قرروا عدم الخروج. كان يمكنه أن يعرض الرسم الكاريكاتوري فحسب. على العكس، كان لديه تعاطف معهم، أفترض ذلك. و قال: » أقترح عليكم الخروج لأن ذلك قد يصدمكم، قد يؤثر فيكم » [22] .
تحكي بعض الشهادات الأخرى، التي جمعتها الصحافة، عناصر جد مشابهة، و خاصة من طرف التلاميذ الذين كان السيد باتي أستاذا لهم خلال السنوات الماضية، و كان يعرض رسوما ساخرة منذ عدة سنوات. و لكن، على وجه الخصوص، هناك عنصر يثبت هذا الإجراء التمييزي و هو المذكرة الشهيرة لجهاز الاستخبارات الإقليمي الخاصة بلإيفلين الصادرة بتاريخ 12 أكتوبر و التي تم نشرها أولا في صحيفة ليبراسيونLibération .
من بين العناصر الهامة أيضا، هناك معلومتان رئيسيتان. في البداية، هناك شهادة لمرافقة أحد التلاميذ في وضعية إعاقة كانت موجودة في حجرة الدراسة. حسب قناة BFMTV، و التي تمكنت من الحصول على هذه المذكرة، تؤكد هذه المرافقة حقيقة الواقعة بأن « الأستاذ كان قد عرض على التلاميذ الذين قد يشعرون بالإساءة من الصورة بأن « يغلقوا أعينهم أو بأن يخرجوا من الفصل الدراسي لبضع ثواني »، ثم أضافت تحديدا أن السيد باتي « كان قد طلب مسبقا إذا كان هناك تلاميذ مسلمون في الفصل الدراسي. »[23]. أضافت ليبراسيونLibération أحد التفاصيل بأن هؤلاء الأطفال الذين يمكنهم الخروج من الفصل الدراسي قاموا بذلك « بحضور مساعد للحياة المدرسية »[24].على أي حال، تفضي مذكرة الجهاز الاستخباراتي الإقليمي إلى أن هذه العناصر صحيحة.
العنصر الثاني الهام الذي تكشفه هذه المذكرة هو حالة والدة إحدى التلميذات التي « اتصلت حينها بإدارة الإعدادية و هي تبكي، ناقلة أن ابنتها تم عزلها في الممر بحجة أنها مسلمة، و أنها تعيش هذه الوضعية « كفعل تمييزي ». تذكرنا هذه المعلومة أن السيد إبراهيم س. هو الوحيد الذي تحدث علنا عن وضعية هذه الحصة المثيرة للجدل، هناك عدة آباء آخرين عبروا عن غضبهم عن الوضعية لدى إدارة المؤسسة.
و هكذا، لنختم في هذه النقطة، إن تلميذة الإعدادية ز. ، التي تعد مصدر الجدل، سواء كانت حاضرة أو غائبة عن هذه الحصة، أنها كذبت أم قالت الحقيقة، فالعناصر المتاحة لحد الساعة، لإيضاح وضعيتها الشخصية في هذا التحقيق، تتيح تأكيد عدة أمور:
- نشر السيد باتي فعلا في حصته رسوما كاريكاتورية لمحمد. من بين هذه الرسوم، تم التأكيد على أن الأستاذ عرض فعلا الرسم الكاريكاتوري للرسامة كوكو، الذي ظهر أول مرة سنة 2012 والذي يظهر رجلا عاريا، على أربع، في وضعية فاحشة و منحطة بشكل خاص، مظهرا الأعضاء التناسلية و الشرج مغطى بنجمة صفراء. الكثير من الناس وصف هذا الرسم المسيء بأنه شبه إباحي. و هذا ما قاله على وجه الخصوص وزير التربية الوطنية السابق لوك فيري Luc Ferry[25].كما يمكن أن نتخيل أن ضابط الشرطة المكلف بأخذ شكاية إبراهيم س. هو الذي اتخذ قرار أن يدرج هذه الشكاية في فئة « نشر صور إباحية »، و ذلك نظرا للوصف الذي قدمته تلميذة الإعدادية عن الرسوم الساخرة.
- كان يعرف السيد باتي مسبقا أن نشر هذه الرسوم الساخرة قد تكون صادمة. و لهذا السبب، دون أن يعترف بأنه شرع في تحديد هوية التلاميذ المسلمين، أو يعترف بأنه اقترح عليهم مغادرة الفصل الدراسي، اعترف أنه اتخذ إجراء احترازيا ليخفف المساس، الذي كان يعلم أنه مفترض الحدوث، بحساسية بعض التلاميذ، على الأغلب التلاميذ المسلمين، إذا كنا جد منطقيين.
- إن هذا الإجراء الاحترازي، فضلا عن أنه أدنى وصف غير تمييزي أعطاه السيد باتي بنفسه له خلال جلسة الاستماع عند الشرطة، تم وصفه من طرف عدة مصادر متطابقة بأنه تمثل في تحديد هوية التلاميذ المسلمين واقترح عليهم مغادرة الحصة أو أن يصرفوا أنظارهم إذا أرادوا ذلك. من بين هذه المصادر، تبرز الشهادة الحاسمة لمرافقة التلميذ في وضعية إعاقة والتي سجلتها أجهزة الاستخبارات الإقليمية الخاصة بليزيفلينYvelines.
لكن لماذا الإصرار على الغياب المفترض للتلميذة ز.، خلال ما يبدو أنه حدث رغم كل شيء؟ كما قيل سابقا، كان هذا الإصرار على الكذبة المفترضة والذي لا زال قيد التحري في التحقيق له أثر كبير على رفض آلي لجزء مهم من الرأي العام للتفكير في القضية في العمق. في حين أن هذا العمق هو ما دفع احتجاج إبراهيم س.، والد التلميذة ز.، وفيما بعد التدخل اللاحق لعبد الحكيم الصفريوي إثر النشر العلني لهذه القضية من طرف والد التلميذة. لأن، عدا الحالة الشخصية للتلميذة ز.، فالفكرة نفسها أن أحداثا مماثلة يمكن أن تحدث في محيط مدرسي هي التي صدمت إبراهيم س.
أخذا بعين الاعتبار للأقوال الواردة في الفيديو الذي نشره إبراهيم س.، يبدو أن المواجهة المفترضة لابنته مع الأحداث المذكورة لم تكن سوى عاملا شعوريا إضافيا في إرادته شجب ما كان يبدو له غير مقبول. بالإضافة إلى ذلك، قد كان تدخل عبد الحكيم الصفريوي لإدانة هذه الحصة والإجراء التمييزي بين التلاميذ المسلمين الذي وصف له، تدخلا مرتبطا أقل ارتباط بالحالة الشخصية للتلميذة ز.، رغم أن حكايتها هي التي جعلته يطلع على الجدل القائم.
أثر إصرار كهذا على الكذب المزعوم للتلميذة ز. على إقصاء التفكير في عمق هذه الحصة التي استعملت كأداة وسائطية لنشر هذه الرسوم الساخرة و لهذا الإجراء التمييزي بين المسلمين و غير المسلمين من التلاميذ. كما مكن هذا الإصرار من إحاطة أولئك من أمثال عبد الحكيم الصفريوي الذين عبروا عن رأيهم في هذه الوضعية والذين طالبوا بما كان يبدو لهم عقوبات تأديبية تفرض نفسها، بهالة سلبية ورافضة. يمكن هذا الإصرار في النهاية من الجمع بين الإدانة وفكرة اللاعقلانية، ذات الطابع المفتري و اللاقانوني. ثم أنه، يمكننا أن نعتقد أن هذا الإصرار على نعت التلميذة ز. بالكاذبة، يخفي في الحقيقة اعترافا ضمنيا، وحتى لا واعيا بل مطمئنا، للطابع الصادم حقيقة للوقائع الواردة المشار إليها.
رغم كل ذلك، ثلاثة أسابيع بعد المأساة، ومع ترسب الوقائع والانفعالات، وبعد الرجوع إلى الاتزان بعد الانفعال الجماعي، نلاحظ أن عددا متزايدا من الأصوات ترتفع لتضع كل جانب من هذه القضية في مكانه الصحيح. يبدو أننا نسير تدريجيا إلى إثبات هادئ بأنه بالإمكان، بكل تأكيد، شجب همجية الاغتيال الإرهابي الذي راح ضحيته الأستاذ المتوفى صامويل باتي، الظلم الذي لا اسم له الذي تعرض له، تأكيد مكافحة الإرهاب الضرورية، و ممارسة الحق في التفكير الحر و التعبير الحر بشأن الحصة الدراسية التي أطرها السيد باتي و الظروف الخاصة المحيطة بالحصة.
إذا وضعنا جانبا مسألة النوايا التي كانت تحرك الأستاذ المتوفى، و بدون الحاجة إلى الافتراض بأنها كانت سيئة، لقد تم وصف هذا الأستاذ على أنه من طرف الكثير من الناس بأنه كان لطيفا و شغوفا بعمله، فالأفعال تمتلك طابعا موضوعيا مستقلا عن النوايا التي تحركنا. وهذا الطابع الموضوعي بالضبط الذي يتعين على حرية التعبير أن تتناوله بالتحليل والمحاكمة. ليس من البساطة نشر رسوم كاريكاتورية شبه إباحية، تتناول المقدس لجزء من التلاميذ الحاضرين، مقرونة مع تمايز بين التلاميذ المسلمين وغير المسلمين، في مجتمع عرف تاريخه فزع الهجوم المفاجئ على اليهود. لقد قرأنا في الصحف أن صامويل باتي تقدم بالاعتذار عن خطئه غير المقصود لتلامذته[26].
تحيين للمسألة بتاريخ 28 نونبر:
لحد الآن، غفلنا عن ذكر شهادة هامة. يتعلق الأمر بمندوبة القسم، التي أدلت بإفادتها أمام قناة BFMTV في تقرير تلفزي على القناة، ثم نشرت على يوتيوب بتاريخ 28 أكتوبر[27]. لأنها تلميذة لصامويل باتي، فلقد حضرت حصة 05 أكتوبر. أمام الكاميرا، تقول: » في حصتي، قدم لنا بقول أنه سيتكلم عن حرية الصحافة، حرية التعبير، و هكذا، تطرقنا إلى موضوع شارلي إيبدو و عرض علينا بعض الرسوم الساخرة. وقال: « الأطفال المسلمين، إذا فضلتم الخروج أو صرف أبصاركم، و إذا كان هناك من قد تصدمه الرسوم، رجاء مغادرة قاعة الدراسة ». كما ستضيف لاحقا: « ضحكنا بعض الشيء، وأخيرا لم نكن ننتظر أن يحدث هذا (عند نشر الصور ملاحظة المحرر). بعد ذلك، قام بإدخال التلاميذ مجددا إلى حجرة الدراسة. وهكذا، كان قد قال لنا: « لا تقولوا شيئا، فقط احتراما لهم، لا تصفوا لهم ما كان معروضا. « وهكذا، باه، بعد ذلك، واصلنا الحصة الدراسية بشكل عادي. »
رغم هذه العناصر المتعددة، التي تذهب في اتجاه تأكيد الوقائع التي وصفتها تلميذة الإعدادي ز.، أصرت وسائل الإعلام في المقابل على ما قدروا أنها حتما كذبة هذه التلميذة. و في هذه الحالة، ستكون هذه مناسبة جديدة لجعل الفتاة تواجه دعوى قضائية بتهمة « البلاغ الكاذب »، يوم 26 نونبر 2020. يقول موقع فرانس تف أنفوFrancetvinfo، على سبيل المثال بشأن شكاية الفتاة لمركز الشرطة و إفادتها هما الذين جعلاها تواجه الدعوى القضائية: « نعلم ذلك اليوم، هذه الإفادة هي سلسلة كذب و من المعلومات الزائفة. « [28] لكن، مرة أخرى، إذا كان من الممكن أن التلميذة ز. لم تحضر بنفسها هذه الأحداث التي بلغت عنها. كل شيء يؤدي إلى الاعتقاد أن هذه الأحداث حصلت رغم كل شيء.
هل كانت مفتشية الأكاديمية تستعد لإيقاع عقوبة تأديبية على صامويل باتي؟
على غرار ما سبق، لا يمكننا أن نتجاوز مسألة تدخل مفتشية الأكاديمية في هذا الملف. لقد تم فعلا هذا التدخل. والدليل، على أقل تقدير، هو أن الوضعية لم تكن من البساطة بحيث كانت تستحق أن تخضع للاستقصاء والتحري. أما لمعرفة الاستنتاجات والنتائج التي خلص إليها هذا التدخل، منذ حدوث المأساة، فقد تضاربت الروايات بهذا الشأن.
في الفيديو الذي نشره، كان عبد الحكيم الصفريوي يروي المعلومة المنقولة له عن طريق إبراهيم س. وحسب هذه المعلومة، و إثر المقابلة مع إدارة المؤسسة يوم الخميس 08 أكتوبر، تم التواصل معه من طرف عضو من مفتشية الأكاديمية بشأن هذا الجدل القائم و التظلمات التي أثارها. يذكر عبد الحكيم الصفريوي هذا الأمر بالطريقة التالية: » في العشية (إثر المقابلة مع إدارة المؤسسة، ملاحظة المحرر)، اتصلت مفتشية الأكاديمية بوالد التلميذة وعبرت له عن دهشتها معرفة ما الذي حدث في حصة هذا الوغد. وأنهم سيفرضون العقوبة اللازمة، وأنهم سيسرعون التدخل في هذا الاتجاه، وأنهم سيرسلون مفتشين ».
هناك شيء أكيد، هو أن إبراهيم س. تلقى اتصالا من مفتشية الأكاديمية. وقد أقر مكتب رئاسة الجامعة بهذا الاتصال، و سلط الضوء بهذا الخصوص على الهدف البسيط « تفسير منهجية الأستاذ حرصا منها على التهدئة » [29]. ينبغي ألا يكون لدى المحققين، عادة، مشكلة في تحديد المحتوى بالضبط لهذا الاتصال.
هنا أيضا، تحمل المعلومة ومسألة صحتها رهانا رمزيا قويا. إن الاعتراف أن مفتشية الأكاديمية كانت تذهب في اتجاه إيقاع إجراء تأديبي ضد صامويل باتي يذهب إلى منح احتجاج إبراهيم س. وعبد الحكيم الصفريوي مشروعية إضافية. رغم أن هذا الاحتجاج يمثل في جوهره التعبير عن رأي قانوني، والذي كان يتلخص في إبداء توقع أن تتدخل السلطة المختصة ضد هذا الأستاذ. فإن استنتاج العكس، الشيء الذي يجب أن يحدده التحقيق الدقيق، سيذهب في الاتجاه المعاكس لنقض جزئي لشرعية هذه المطالبة.
بشكل أولي، لو لم يكن المناخ ساما، فلا شيء يدفع إلى اعتبار فكرة إيقاع عقوبة تأديبية مقابل الخطأ الذي يمثله عرض صور صادمة وبذيئةـ شبه إباحية، أمام تلاميذ الإعدادية. كما أن فرضية الإجراء التمييزي بين تلاميذ مسلمين وآخرين غير مسلمين قد تكون، فوق كل ذلك، قابلة لإيقاع إجراءات تأديبية.
رغم أن الروايات اللاحقة تميل في الأخير إلى الاستنتاج أنه تم، مطلقا ودائما بدون انقطاع، مساندة صامويل باتي بكل تأكيد، إلا أن العناصر الأولى في الصحافة تبين أن مفتشا من الأكاديمية، كان قد ذكر، على أقل تقدير، « قواعد الحياد و العلمانية » [30] للسيد باتي. و هذا يعني ضمنيا أن الأستاذ قد قام بانتهاك هذه القواعد.
أمام هذا الصراخ الذي أثاره ظهور هذه المعلومة في أوج الانفعال الجماعي، و منتهزا بشكل جيد النتائج السياسية لهذه المعلومة و التي كانت حينها تبدو حتما امتيازا ممنوحا « للإسلاميين »، فعل جون فرانسوا بلانكير Jean-Michel Blanquer كل شيء لإصدار بلاغ يذهب في اتجاه التكذيب. و لكن، تم طلب تحقيق المفتشية العامة لتسليط الضوء على هذه النقطة الشائكة بالنسبة للسلطات و لوزارة السيد جون ميشيل بلانكيربلانكير[31] Jean-Michel Blanquer.
إذا كان هناك تكذيب، فحينئذ يتعين على نظام الجهاز الاستخباراتي أن تتبرأ صراحة من أحد أجهزتها، هنا جهاز استخبارات لليزيفلينYvelinesولعملائها في الميدان. إن دقة الوقائع التي تم جمعها على الساخن في مرحلة سابقة من عملية الاغتيال الفظيع الذي أودى بحياة صامويل باتي، كما أن نفس طبيعة الجهاز الاستخباراتي الإقليمي التي تتطلب أن يكون قريبا جدا من الميدان، تجعل، على نحو مشروع، الآخر يفكر أن الوقائع الموصوفة في هذه المذكرة الصادرة بتاريخ 12 أكتوبر ينبغي أن تكون وفية للحقيقة.
لا يمكن للمستجدات الأخيرة إلا أن تجعلنا نلاحظ كم أن مذكرة الجهاز الاستخباراتي الإقليمي لليزيفلينYvelines شكلت، على وجه الخصوص، نقطة شائكة في الملف. بعد أن سعت بكل بساطة إلى التقليل من قيمة و مدى [32]هذا الملف بعد وقت قليل من ظهوره في الصحافة بسبب متتبعاته و خاصة على مستوى تدخل مفتشية الأكاديمية الذاهب في اتجاه دعوة إلى الانضباط موجهة إلى السيد باتي، فإن الحكومة في شخص وزير الداخلية، جيرار دارمنان، أعطته في الأخير شرعية و ظهورية أكبر . و ذلك، بالتدخل لاستدعاء السيد ويلي لو دوفانWilly Le Devin لدى المفتشية العامة للشرطة الوطنية IGPN، و هو الصحفي في جريدة ليبراسيونLibération، الذي كان وراء نشر مقتطفات من المذكرة، بالنسبة لوقائع » مخالفة إفشاء السر المهني »[33]. تم الاستماع، إذن، لهذا الصحفي يوم 6 نونبر بصفته مشتبها به. حقيقة تومئ إلى السياق العام الذي يسلط الضوء على حرية التعبير التي أتت فيه.
تكشف عناصر جديدة، ظهرت في الصحافة بتاريخ 18 نونبر 2020[34]، تسلسل لرسائل نقاش عبر البريد الإليكتروني بين مختلف أساتذة إعدادية بوا دولنBois d’Aulne و كذا الإدارة. كان موضوع هذه الرسائل المتبادلة، التي بدأت يوم 08 أكتوبر، الجدل القائم حول حصة صامويل باتي عن الرسوم الساخرة. تتحدث هذه الرسائل المتبادلة عن عنصرين رئيسيين. أولا، في تسلسل هاته الرسائل، تعترف المديرة، السيدة ف.، و كذا صامويل باتي صراحة بأنه تم الطلب من التلاميذ الذين قد تصدمهم الرسوم الساخرة أن يغادروا حجرة الدراسة. كما أن صامويل باتي أقر و يتحمل نتيجة ما عرضه للمشاهدة « رسم كاريكاتوري من النفايات » خلال ثوان قليلة ». من ناحية أخرى، في سلسلة الرسائل المتبادلة، تنصلت أستاذتان بوضوح شديد من اختيار صامويل باتي عرض هذه الرسوم الساخرة و من طريقته المتمثلة في الاقتراح على التلاميذ مغادرة الفصل إو إغماض أعينهم. تدين الكلمات المستعملة الذي يعتبرونه وضع العلمانية موضع شك، علامة عدم تسامح، علامة تمييز و قطيعة لرابط الثقة مع الأسر.
كما أن عناصر جديدة تم نشرها بتاريخ 20 نونبر 2020 في مجلة لو بوانتLe Point[35]تكشف أن رسائل إليكترونية بين مربي مرجعي في العلمانية من أكاديمية فرسايVersailles و مديرة إعدادية بوا دولنBois d’Aulne. في رسالة إليكترونية بتاريخ 08 أكتوبر، يعلن فيها هذا المربي المرجعي للمديرة عقد مقابلة مع صامويل باتي، و التي « ستتناول خاصة قواعد العلمانية و الحياد التي، يبدو أن، السيد باتي لا يتقن التعامل بها ». في هذه الرسالة الإليكترونية، سيصر، مرة أخرى، قائلا « أن هناك إدراك غير صحيح للعلمانية وللحياد » من طرف الأستاذ. يبدو أن هذه الرسالة الإليكترونية، بكل وضوح، جاءت إثر الموعد الذي تم بين إبراهيم س.، و عبد الحكيم الصفريوي مع إدارة الإعدادية، الذي انتهى بالتزام هذه الأخيرة أن ترفع المعلومة و الشكاوى التي تقدم بها الرجلان. تتجه هذه الرسالة الإليكترونية إلى إضفاء المصداقية على أقوال عبد الحكيم الصفريوي في الفيديو الذي نشره و التي تروي تفاصيل محادثة هاتفية تلقاها إبراهيم س. من طرف شخص من الأكاديمية يوم 8 أكتوبر، إثر الموعد مع إدارة الإعدادية. من ناحية أخرى، يتحدث المقال أيضا عن بريد إليكتروني بتاريخ 9 أكتوبر يعرض للمقابلة التي كانت بين المربي المرجعي التابع للأكاديمية و السيد باتي في إدارة الإعدادية. في هذه الرسالة الإليكترونية، تمت الإشارة إلى الاعتراف بخطأ و « بإخلال […]غير مقصود » من طرف السيد باتي. و أخيرا، في هذه الرسائل الإليكترونية المتبادلة، اقترح المفتش أيضا أن يتم رفع تقارير و دراسة الأخطاء المشابهة لأخطاء صامويل باتي باهتمام كبير، حتى يتم إنتاج أدوات أو موارد ضرورية لجميع الأساتذة. « .
كموجز لهذه النقطة، نستنتج أنه كما بالنسبة لمسألة الكذب المحتمل للفتاة ز.، فالرهانات قوية. إن تسليط الضوء على دعم المؤسسة الأكاديمية المطلق والكامل لصامويل باتي، في الحقيقة المشكوك فيه باعتبار العناصر الملموسة، يمكن من تشويه المطلب القانوني والمشروع في جوهره لإبراهيم س. وعبد الحكيم الصفريوي على إثره.
و بالتالي، إن إصرارا مماثلا على هذا الدعم الذي يزعمون أنه لا يتزعزع، رغم طبيعة الوقائع، التي يمكن، بشكل مشروع، مؤاخذة صامويل باتي بشأنها، كان يهدف إلى تعطيل و تثبيط أي سعي أو إرادة حالية أو مستقبلية للاحتجاج من طرف أولياء و آباء التلاميذ الآخرين فيما يخص التعليم المقدم لأبنائهم و كيفية سيره.
هل تدخل عبد الحكيم الصفريوي قام بتحريض الإرهابي أنزوروفاAnzorova على القتل ؟
في ضوء ما سبق، لا بد أن نستحضر في أذهاننا أنه، في هذا الملف، من البديهي جدا، أن يتم الفصل بين احتجاج إبراهيم س. ، الذي قام عبد الحكيم الصفريوي بدعمه بطريقته، كشق جد متمايز عن شق العملية الإرهابية التي ارتكبها عبد الله أنزوروف. بين هذين الشقين، هناك ارتباط يتعين على التحقيق أن يحدده.
يبدو أن هذا الارتباط، لحد الساعة، يتلخص في أن الإرهابي أنزوروف اطلع على القضية من خلال الفيديو والرسائل التي نشرها إبراهيم س. منذ تاريخ 08 أكتوبر على وسائل التواصل الاجتماعي. كما اطلع على القضية آلاف الأفراد الآخرين، الذين، لم يتخذوا، وفق السير العادي و المتوقع للأمور، قرارا مترتبا عن مرض نفسي بالذهاب و الشروع في قطع رأس شخص ما. كما، أنه يبدو أنه قد تم إثبات أن أنزوروف كان قد اتصل ب إبراهيم س.، من خلال رقم الهاتف، الذي جعله متاحا للعموم لمن أراد أن يسانده في خطوته التي كان يريد أن تكون قانونية، ولمن أراد أن يتأكد من صحة الوقائع.
في هذا المستوى من التحقيق، لا تثبت الرسائل المتبادلة بين إبراهيم س. و أنزوروف أي عنصر قد يمكن من إطلاع الأول على خطط الثاني المروعة البشعة. و أخيرا، و في النهاية، تمت مؤاخذة إبراهيم س. بكشف اسم الأستاذ صامويل باتي، كعنصر تم اعتباره بشكل قابل للمناقشة أنه أتاح لأنزوروف أن يقوم بتنفيذ خطته. ففي الحالة البديلة، فإن غياب هذه المعلومة كانت ستمنع أنزوروف من النجاح في تنفيذ خطته.
إن عناصر التحقيق، التي تصف الطريقة التي لجأ إليها أنزوروف لتجنيد بعض التلاميذ في الإعدادية، بدون، مما لا شك فيه، علمهم لنواياه، تترك الشك ينساب إلى هذا القياس المنطقي. اليوم، هؤلاء التلاميذ هم قيد الاستجواب ويواجهون دعوى قضائية بتهمة « التواطؤ على تنفيذ عملية اغتيال إرهابية ».
فضلا عن الوضعية الخاصة لإبراهيم س.، فلهذه العناصر أيضا أهميتها في وضعية عبد الحكيم الصفريوي، هو الذي يوجد رغم كل شيء الأكثر بعدا عن هذه الوقائع. رغم التهمة التي تلاشت سلفا والتي تتمثل في « تعيين الأستاذ باسمه كهدف »، لا بد أن يبقى شيء من تدخل عبد الحكيم الصفريوي، يبرر اتهامه و احتجازه الاحتياطي، و بل يبرر حبسه الانفرادي بالإضافة إلى ذلك.
لا بد، إذن، أن يكون هذا الشيء يتمثل، بطريقة مجردة و غير محددة، في تدخل عبد الحكيم الصفريوي نفسه. لكن، تم ، آنفا، الاستعراض التفصيلي لتدخله في هذه القضية. و بالتالي، لا بد من أن نطرح السؤال الصائب حقيقة الذي هو: هل تم تحويل أنزوروف إلى التشدد و التطرف و حثه على الجريمة من خلال هذا الجدل و مختلف مكوناته، أو هل هو تصرف بالانتهازية الأكثر بشاعة، مستخدما هذا الجدل كما لو استخدم أي قصاصة صحفية، صادرة من صحفي، لن يتم إخضاعه أبدا لأي قلق كما يحدث الآن مع السيد عبد الحكيم الصفريوي.
عن هذا السؤال المركزي، تدافع عدة عناصر حاسمة لإثبات أن عدة علامات كانت لا بد أن تبعث بإنذار للسلطات المختصة عن إيديولوجية وتطرف الإرهابي أنزوروف، الذي تم قبل بداية الجدل المثار حول حصة السيد باتي.
رغم ما تود السلطات الإيحاء به أنه لا يمكن اكتشاف هذا الإرهابي، فأنزوروف سبق و أن تم الإبلاغ عنه عدة مرات عن منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي. عدة مقالات، و خاصة اثنان مفصلان نشرتهما ميديابارت[Médiapart[36][37 تسرد بشكل دقيق جدا التسلسل الزمني لنشاط أنزوروف على شبكة التواصل تويتر. لكن، على وجه الخصوص، تم الإبلاغ عنه لعدة مرات، بما فيها على منصة فاروسPharos، التي تديرها مباشرة وزارة الداخلية، حيث يتم الإبلاغ عن المحتويات التي يتم تحليلها و معالجتها مباشرة من طرف رجال الشرطة و رجال الدرك المخصصين في هذه المهمة.
بالإضافة إلى إبلاغات أخرى تمت مباشرة لدى تويتر، الأول تم لدى فاروس Pharos يرجع إلى 30 يوليو 2020. إبلاغات أخرى ستتم بعد ذلك. من ناحية أخرى، بتاريخ 30 غشت، سيقوم أنزوروف بلفت الأنظار مجددا من خلال نشر مونتاج لصور تعرض رجلا على وشك أن يقطع رأسه. الصورة عبارة عن جمع بين مشهد من سلسلة تلفزية و لوجه رجل لا نعرف هويته. لاحقا، أيضا، يوم 10 أكتوبر، ستة أيام فقط قبل العملية الإرهابية، سينشر أنزوروف منشورا على تويتر و سيتم الإبلاغ عنه مجددا على فاروس [Pharos [38. لا زال المحققون يعملون على تحديد هذه الرسالة إثر تعطيل حساب الإرهابي من طرف تويتر.
إضافة إلى ذلك، وسيم نصر، صحفي، مراقب ومحلل متخصص في الحركات الجهادية قدم الملاحظة التالية: « كما نعرف أيضا، لأنني استطعت أيضا الاطلاع على حسابه تويتر، أنه بحث عن عناوين أخرى لأشخاص آخرين. وهذا مهم. منذ بداية أكتوبر، أراد أن يقوم بفعل ما، إرادة متطرفة للفعل. »[39]
ثم أنه، منذ منتصف شتنبر[40]،أنزوروف كان على علاقة بجهاديين اثنين على الأقل من سوريا. و كان يحيل عليهما صراحة عند الإشارة إلى إرادته في القتال. كما أنه سيشارك الصورة البشعة لجريمته مع أحد هذين الشخصين من سوريا[41]. سيتبين أخيرا أن هذا الشخص المتواجد في سوريا والذي كان على علاقة بأنزوروف هو الذي سينشر فيما بعد على نطاق واسع هذه الصورة والرسالة المرتبطة بها. ليس إبراهيم س. و لا عبد الحكيم الصفريوي من استلما دليل الجريمة الهمجية من طرف الإرهابي.
بالإضافة إلى ذلك، إن توجيه الاتهام مؤخرا يوم 6 نونبر إلى ثلاثة أشخاص جدد يدعم فكرة التطرف و التشدد من المنبع. اتهم هؤلاء الأشخاص بتبادل رسائل على نظام للرسائل مع أنزوروف، رسائل تبدو أنها تشير إلى العمل الإرهابي[42].
باستثناء مسألة نشاط الإرهابي على وسائل التواصل الاجتماعي، فالشهادات الصادرة من أسرته الخاصة ومن محيطه كانت واضحة جدا عن مساره الذي بدأه قبل بداية الجدل. هؤلاء يصفون خاصة انكفاء على الذات لأنزوروف بدأه عدة أشهر من قبل [43]. خلال مؤتمره الصحفي بتاريخ 21 أكتوبر، عرض وكيل الجمهورية ريكارد ما استنتجه من جلسات استماع أصدقاء أزنوروف الذين هم قيد الحبس الاحتياطي “تحول إلى التطرف و التشدد منذ عدة أشهر، يطبعه تغير في السلوك و في الهيئة الخارجية، انعزال، و تردد منتظم على المسجد، و أقوال قاطعة عن الجهاد و الدولة الإسلامية. »[44].
كما أن، لو جورنال دو ديمانش JDD قال أن »النيابة العامة الوطنية لمكافحة الإرهاب أثبتت أن عملية تطرف القاتل بدأت قبل عدة أشهر « [45],أي قبل الجدل المثار حول حصة السيد باتي.
لدينا إذن تجميع لعدة وقائع ملموسة، التي توصل إلى استنتاج أكيد أنه إذا أخذت السلطات التدابير اللازمة، بشأن البلاغات التي تمت سابقا والمقترنة بالإرادة الواضحة و المعبر عنها منذ أول أكتوبر من طرف أنزوروف لإيجاد هدف، كانت ستمكن من تفادي هذه المأساة. من ناحية ثانية، ليس صدفة أن الحكومة اتخذت قرار تعزيز طاقم منصة فاروس Pharos أيام قليلة بعد المأساة[46]، و هذا إقرار ضمني للدور الحاسم الذي كان يمكن أن يلعبه هذا القرار في تحديد هوية القاتل المبرمج الذي كان أنزوروف.
وأخيرا، للختم، يبدو من المناسب أن نتوقف عند عنصر، الأقل ما يمكن أن نقول عنه أنه مثير. يتعلق الأمر بتصريح قدمه الوزير الأسبق جان بيير شوفينمون Jean-Pierre Chevènement ، على قناة سنيوز CNEWS، في برنامج « في مواجهة المعلومة »، الذي تم بثه بتاريخ 16 أكتوبرـ يوم المأساة، و لكن في الحقيقة كان قد تم تسجيله اليوم السابق، أي 15 أكتوبر. خلال هذا البرنامج، و متوجها إلى إيريك زمور، قال: » في رأيي أن مشروع القانون الذي يعده رئيس الجمهورية لمواجهة الانعزالية، هناك أدوات مفيدة لتحظى، في بلادنا، في المدرسة، قيم الجمهورية، و العلمانية بالاحترام. و أظن أن منهجية جان-ميشيل بلانكير Jean-Michel Blanquer التي تتمثل في تعيين مربين مرجعيين تأتي أكلها. نرى أن هناك إبلاغات تتيح، بشكل يومي، مكافحة عددا من الوقائع، من الشتائم، من التظاهرات التي لا يمكن تماما استحمالها، كالمطالبة مثلا بقطع رأس الأستاذ الفلاني و الأستاذ الفلاني، أو المطالبة بأي شيء يتم تداوله. « [47]
يوم واحد قبل الوقائع، الشيء الذي يمكن أن يعزى إلى أنه تنبؤ حقيقي يجعلنا نطرح تساؤلات. و خاصة أن شوفينمونت Chevènement قرن مباشرة هذا التهديد مع بلاغ عن هذا التهديد. بأي بلاغ بالضبط يتعلق الأمر؟ لماذا لم يتم أخذه بجدية ؟ من المدهش أنه في سياق العملية التي تم ارتكابها ضد صامويل باتي، لم تتحدث أي وسيلة من وسائل الإعلام عن هذه النقطة.
نجد آثارا جد قليلة فقط، و خاصة في بطاقة كتبها لويس دوفريسن Louis Daufresneيحكي فيها المؤامرة [48]. هذه المؤامرة حركت وسائل التواصل الاجتماعي و أثارت بعض القلق. في جميع الحالات، أكدت مقدمة البرامج كريستين كيلي Christine Kellyشخصيا تاريخ تصريحات الوزير الأسبق، موضحة لشخص على تويتر بعد أن طلب منها ذلك أن البرنامج تم تسجيله فعلا بتاريخ 15 أكتوبر.

بإيجاز، كل شيء يؤكد الواقعة أن أنزوروف توجه إلى التطرف طويلا قبل الجدل حول حصة السيد باتي. كان قبل ذلك يبحث عن ضحية و له علاقات سابقة مع الحركة الإرهابية.
هكذا، إذن، بأي حال من الأحوال، لا يمكن أن نعتبر أن لتدخل إبراهيم س. و عبد الحكيم الصفريوي تأثير نفسي على أنزوروف من خلال دفعه إلى العنف و إلى التطرف. كما لا يمكننا أن نعتبر أن هذا التدخل هو دعوة إلى العمل غير القانوني والإرهابي.
كما أكدت ذلك مجلة لوباريزان Le Parisien، يكشف التحقيق أن في كل الأحوال « عبد الله أنزوروف، شيشاني، يبلغ عمره 18 سنة، متطرف، منذ عدة أشهر، استخدم هذه القضية المحلية لإشباع نزواته الجهادية. »[49]. كان يمكن أن تقوم مجلة لوباريزيان Le Parisienبالكشف عن هذه القضية المحلية بدقة ، دون ذكر الموقف المناضل. يبدو أن الخطأ الذي يتحمله إبراهيم س. هو أنه كشف اسم السيد باتي، و أنه من الصعب أن نحكم عليه أنه عامل حاسم في مرور الإرهابي أنزوروف إلى ارتكاب الجريمة.
تمت معرفة تدخل عبدالحكيم الصفريوي في الجدل بسرعة شديدة من طرف جهاز الاستخبارات العامة.
لماذا إذن؟، في ضوء ما سبق يوجد عبد الحكيم الصفريوي في حالة اعتقال؟ لوران نونيزLaurent Nunez شخصيا، المنسق الوطني للاستخبارات ولمكافحة الإرهاب، كان قد صرح في مقابلة منحها لقناة فرانس تيفي أنفو Francetvinfo التي نشرته يوم 18 أكتوبر، بأن عبد الحكيم الصفريوي ليس حاملا ل »تهديدات مباشرة التي هي تهديدات بأعمال عنف، التي يمكنه أن يتفوه بها، تهديدات مباشرة بالمرور إلى ارتكاب فعل ضد فرد » و « التي ينطبق عليها القانون » و « التي تمكن قوات حفظ النظام من إحالة الفيديو، من خلال استدعاء و حجز صاحب هذه الفيديوهات احتياطيا « . إذا كانت هذه هي الحال، قال المنسق، » فأجهزة الاستخبارات كان يتعين عليها أن تضع قضيته أمام القضاء »[50].
في نفس الاتجاه تحدث موظف سامي آخر من جهاز الاستخبارات، لم يذكر اسمه و الذي قال: » لقد قمنا بتحري في المحيط، قمنا بغربلة المعلومات، كنا نرى عبد الحكيم الصفريوي « ممثل الإسلام المتطرف »، و المعروف لدينا بأنه يقوم بالإرباك و الدعاية فقط ، لكن لا شيء أكثر » [51].يوصف عبد الحكيم الصفريوي اليوم بأنه متطرف خطير، لكن ما قلناه يثبت بالعكس أن جهاز الاستخبارات يحدد هوية أحد من خلال تحديد أعماله و أنه لا يشكل خطرا. لهذا السبب، مرة أخرى في هذا الملف، لم تتدخل السلطات في أي وقت ضد عبد الحكيم الصفريوي، رغم أن الفيديو الذي نشره بقي متاحا لمدة خمسة أيام على الإنترنيت، قبل أن يرتكب أزوروف عمله الشنيع.
لكن، نحن مجبورون أن نلاحظ أنه في نهاية الأربعة الأيام للاحتجاز الاحتياطي يوم 21 أكتوبر، قرر النظام القضائي رغم كل شيء أن يرفع دعوى قضائية في ملف عبد الحكيم الصفريوي. و ذلك رغم الوقائع، و رغم القانون، و رغم الحكم الذي يبدو أنه كان يفرض نفسه بسبب أقوال خبراء الجهاز الاستخباراتي و مكافحة الإرهاب، كما صرح لوران نونيز Laurent Nunez .
إنه من الأساسي هنا أن نذكر بمذكرة الجهاز الاستخباراتي للزيفلين Yvelines، التي سلطت عليه الضوء سريعا من خلال جريدة ليبيراسيون Libération بعد المأساة بتاريخ 16 أكتوبر. من الضروري أيضا أن نذكر أنه، منذ 12 أكتوبر، هذه المذكرة تم رفعها إلى أعلى مستوى، إلى الإدارة العامة للأمن الداخلي DGSI . هكذا، ليس فقط تم وصف عبد الحكيم الصفريوي كمتطرف تم تصنيفه ضمن أمن الدولة fiché S لعدة عقود، و هو تحت المراقبة المشددة. إن تدخله في القضية، مرافقته لإبراهيم س.، خلال موعده مع إدارة الإعدادية، الفيديو الذي نشره و الذي كان قابلا للمشاهدة لمدة خمسة أيام قبل المأساة تم تحليل و مراقبة كل شيء حال حدوثه و خضع لتقييم من قبل أجهزة الاستخبارات. تم التقييم بطريقة أن أي إجراء خاص لم يتم اعتباره ضروريا من طرف السلطات، سواء تعلق الأمر بحذف الفيديو الذي نشره، أو أن يستفسر عنه، أو حتى وضع الأستاذ باتي تحت الحماية. و هذا لسبب بسيط و جيد هو أنه أبدا تدخل عبد الحكيم الصفريوي في هذه القضية لم يخالف القانون.
وبالتالي، إذا كان الاتهام بتهمة لها نفس حجم تهمة التواطؤ من أجل تنفيذ اغتيال إرهابي و وضع المشتبه به قيد الاحتجاز الاحتياطي لا يستجيب لأي من المقاربات المنطقية المذكورة سابقا، فإلى أي منطق تستجيب؟
يبدو، بكل وضوح، أنه إثر الأربعة أيام للاحتجاز الاحتياطي لمختلف المشتبه بهم المحتجزين، وصل المسؤولون السياسيون و الموظفون السامون المعنيون إلى نفس استنتاجات العرض الحالي المفصل الذي قمنا بعرضه. الخاتمة النهائية كانت، في النهاية، بالنسبة لهم، أنه بما أن عبد الله أنزوروف توفي، و الشعب الفرنسي يعيش بلبلة مشروعة بسبب بشاعة جريمته، لم يكن هناك إلا شخصين لا بد من الرمي بهما أمام الرأي العام. لم يكن هناك إلا شخصين لتقديمهما كمتهم لا زال على قيد الحياة و متاح لتحميله الحمولة الانفعالية للشعب. الشخص الأول، شخص ذاتي، في شخص عبد الحكيم الصفريوي و الآخر شخص معنوي في شخص جميع أدوات جهاز الدولة و المؤسسات الذين قصروا في مهمتهم في معالجة التهديد الخارجي إلى معالجة الاحتجاج القانوني، و التي، رغم كل شيء، تم التبليغ عنها لعدة مرات كما انتهز استخدام هذه الأدوات . يتجسد الاعتراف بهذا الفشل في أقوال أليكسندر لانغلوا Alexandre Langlois، السكريتير العام لنقابة الشرطة فيجي Vigi و عميل لجهاز الاستخبارات الإقليمي في ليزيفلين les Yvelines ، و الذي يقول : » لو كان كل هذا منسقا بين مختلف المصالح، كانت ستكون كل الحظوظ مجتمعة لتفادي حدوث هذه الفاجعة (عملية كونفلان) [l’attentat de Conflans]. أضاف : » إننا لم نقم بكل ما كان بوسعنا فعله » [52].
أمام هذه المحنة، قامت الحكومة و الجهاز القضائي، بالاختيار المنطقي. يبدو أن عبد الحكيم الصفريوي استخدم ككبش فداء في هذا الملف. يقول أنتوان أليكسيف بهذا الخصوص: « إذا كان يمكن أن ننشر أو نعرض رسوما ساخرة لمحمد باسم حرية التعبير، لدينا أيضا الحق في نقدها. و هذا ما فعله زبوني، لكنه يدفع ثمن حمولة الكراهية التي تراكمت ضده منذ سنين. » [53]
في نهاية هذا العرض للعناصر الموضوعية المتوفرة لتقييم مسألة تورط عبد الحكيم الصفريوي في هذا الملف، نترك لكل واحد الحرية في استخلاص الاستنتاجات التي تفرض نفسها في مسألة مسؤوليته في قتل صامويل باتي و في مسألة اعتقاله منذ 21 أكتوبر 2020.
التهديد الذي يرزح على دولة الحق و القانون
أخيرا، سننهي هذا المقال بموجز عما تمت معاينته كأحداث و نتائج سياسية إثر عملية الاغتيال المأساوية في كونفلان سانت أونورين Conflans-Sainte-Honorine، و عقب تسليط الضوء أكثر على عبد الحكيم الصفريوي أكثر من على الإرهابي أنزوروف. فبالفعل، أعمال هذا الأخير، بعد أن تم عرضها مطولا فيما سبق، و النتائج التي أدت إليها هذه الأعمال، تفرض طرح أسئلة عن وضعية مجتمعنا و عن عدد من الانحرافات الجارية التي تمثل تهديدا حقيقيا على دولة الحق و القانون.
يبدو أن حرية التعبير، التي توجد في قلب جميع النقاشات الحالية و التعليقات التي يطالب بها الجميع، تخضع لتطبيق متباين، نعاني في بعض الحالات من الحصول على تبرير واضح و على أساس قانوني له. إن تجاوز حد القانون الصارم و المسؤولية القانونية التي يمكن أن نضعها بطريقة مشروعة للأفراد، و النظام القضائي و الخطاب السياسي المحيط ينشئون فئات متمايزة و بمعايير غامضة، التي يتم فيها التصنيف بطريقة مختلفة للأفراد الذين، لديهم نفس حرية التعبير و نفس الحقوق الأساسية و الوطنية. و بالتالي، يتم وضع البعض في فئة المفكرين الأحرار، في حين يجد آخرون أنفسهم مدانين في فئة الأخطار المجتمعية، و بالتالي، لا بد من حرمانهم من ممارسة الحريات.
من ناحية أخرى، و في نفس الاتجاه، أخذت مكافحة الإرهاب المشروعة و الضرورية منحى له عدد من الآثار المنحرفة والعكسية. عند استعمال عدد كبير من الوسائل ضد الأهداف الخاطئة، فإننا نشارك ميكانيكيا في تخفيف الضغط على التهديدات الحقيقية. تظهر خصائص مرتكبي العمليات الأخيرة جيدا من ناحية أخرى، إلى أي حد يبقون بعيدين مما تستهدفه السلطات في مكافحة التطرف و الجنحة المفترضة للانعزالية. أمام هذه الانحرافات، و كما بين ذلك منبر حديث[54] ، القاطرة الحقيقية للإرهاب هي أكثر من أي وقت مضى القانون، و ليس تراجع دولة القانون.
هذا التراجع و شعور التمييز و الوصم الذي يحدثه هذا التراجع لدى ملايين المواطنين الفرنسيين الذي يحسون أنهم مستهدفين ظلما، كان مؤخرا موضوع تسليط للضوء في بلاغ لمنظمة العفو الدولية، الذي صدر بتاريخ 03 نونبر و المعنون « فرنسا، الإجراءات المتخذة بعد اغتيال صامويل باتي أثارت قلقا فيما يخص احترام حقوق الإنسان. » [55] .
أمام ما يبدو على أنها معاملة ظالمة، استثنائية، وتهدد منذ الآن المواطنة نفسها، أصبح أكثر من الضروري أن تصدر عدة أصوات رافضة لإدانة مجموع هذه الانحرافات. فعلا، يتعين على الدولة حماية المجتمع ضد تهديد الإرهاب وتبعاته التي تؤثر على هذا المجتمع في جميع مكوناته بغض النظر عن الديانة. كما يتعين على الدولة أن تضمن لجميع مواطنيها دون تمييز الإمكانية الدائمة من ممارسة حرة لحقوقهم المدنية، ومن الاستنكار ومن التظاهر. إن ممارسة الابتزاز بالإرهاب اتجاه بعض المواطنين واتجاه التزامهم القانوني يمثل نفيا لدور الدولة و الوصم الخطير لجزء هام من مكونات المجتمع الوطني.
علي العمري
[1]https://www.youtube.com/watch?v=oMP9Uw8Yw7c
[2]https://www.lci.fr/terrorisme/video-assassinat-de-samuel-paty-quinze-personnes-en-garde-a-vue-dont-des-collegiens-2167774.html
[3]https://www.youtube.com/watch?v=8Od1rjdXCKk
[4]https://www.leparisien.fr/faits-divers/attaque-a-conflans-quel-role-a-joue-abdelhakim-sefrioui-militant-islamiste-18-10-2020-8403736.php
[5]https://www.lefigaro.fr/actualite-france/assassinat-de-samuel-paty-les-questions-qui-se-posent-dans-l-enquete-20201019
[6]https://www.leparisien.fr/faits-divers/attentat-de-conflans-ce-qu-a-dit-aux-enqueteurs-le-trio-a-l-origine-de-l-engrenage-fatal-05-11-2020-8406833.php
[7] https://www.lemonde.fr/societe/article/2020/10/19/attentat-de-conflans-nous-etions-convaincus-que-ca-allait-mal-finir_6056528_3224.html
[8]https://www.sudouest.fr/2020/10/19/lutte-contre-l-islamisme-des-operations-de-police-en-cours-contre-des-dizaines-d-individus-7979331-10407.php
[9]https://www.youtube.com/watch?v=8XZS9oAR4BI
[10]https://twitter.com/W_Alhusseini/status/1317375285445185536?s=20
[11]https://www.lefigaro.fr/politique/lutte-contre-les-separatismes-le-verbatim-integral-du-discours-d-emmanuel-macron-20201002
[12]https://www.aa.com.tr/fr/monde/libert%c3%a9-dexpression-un-article-du-financial-time-censur%c3%a9-apr%c3%a8s-l-intervention-de-macron-/2035006
[13]https://www.leparisien.fr/faits-divers/attentat-de-conflans-ce-qu-a-dit-aux-enqueteurs-le-trio-a-l-origine-de-l-engrenage-fatal-05-11-2020-8406833.php
[14]https://www.youtube.com/watch?v=25ocYiGKGDE
[15]https://www.leparisien.fr/faits-divers/attentat-de-conflans-ce-qu-a-dit-aux-enqueteurs-le-trio-a-l-origine-de-l-engrenage-fatal-05-11-2020-8406833.php
[16]https://www.youtube.com/watch?v=25ocYiGKGDE
[17]https://www.leparisien.fr/faits-divers/attentat-de-conflans-ce-qu-a-dit-aux-enqueteurs-le-trio-a-l-origine-de-l-engrenage-fatal-05-11-2020-8406833.php
[18]https://www.lemonde.fr/societe/article/2020/10/21/attentat-de-conflans-lors-de-son-audition-samuel-paty-a-nie-avoir-voulu-stigmatiser-les-musulmans_6056814_3224.html
[19]https://www.youtube.com/watch?v=Lg7aDHciQ-o
[20]https://www.liberation.fr/france/2020/10/18/monsieur-paty-il-etait-trop-drole-on-voulait-tous-l-avoir_1802719
[21]https://www.youtube.com/watch?v=-9FFobtSIk0
[22]https://www.parismatch.com/Actu/Societe/Il-ne-faut-pas-qu-ils-gagnent-le-message-d-espoir-d-un-jeune-eleve-de-Samuel-Paty-1707991
[23]https://www.bfmtv.com/police-justice/terrorisme/professeur-assassine-une-note-du-renseignement-decrivait-les-tensions-apres-le-cours-de-samuel-paty_AV-202010190037.html
[24]https://www.liberation.fr/france/2020/10/17/conflans-une-note-du-renseignement-retrace-la-chronologie-des-faits_1802718
[25]https://www.francetvinfo.fr/faits-divers/terrorisme/enseignant-decapite-dans-les-yvelines/الرسوم الساخرة-de-mahomet-on-n-est-pas-oblige-pour-enseigner-la-liberte-d-expression-de-montrer-des-الرسوم الساخرة-qui-sont-a-la-limite-de-la-pornographie-estime-luc-ferry_4165271.html
[26]https://www.bfmtv.com/police-justice/terrorisme/professeur-assassine-une-note-du-renseignement-decrivait-les-tensions-apres-le-cours-de-samuel-paty_AV-202010190037.html
[27]https://www.youtube.com/watch?v=5ROCLwL3bWo
[28]https://www.francetvinfo.fr/faits-divers/terrorisme/enseignant-decapite-dans-les-yvelines/assassinat-de-samuel-paty-ce-qu-a-raconte-dans-sa-plainte-aux-policiers-l-adolescente-mise-en-examen-pour-denonciation-calomnieuse_4196463.html
[29]https://www.lefigaro.fr/actualite-france/assassinat-de-samuel-paty-les-questions-qui-se-posent-dans-l-enquete-20201019
[30]https://www.francetvinfo.fr/faits-divers/terrorisme/enseignant-decapite-dans-les-yvelines/samuel-paty-l-enseignant-etait-il-soutenu-par-sa-hierarchie_4149655.html
[31]https://www.liberation.fr/checknews/2020/10/18/samuel-paty-etait-il-sur-le-point-d-etre-sanctionne-par-la-rectrice-de-l-academie-de-versailles_1802754
[32]https://www.francetvinfo.fr/societe/religion/religion-laicite/desintox-non-samuel-paty-n-etait-pas-sur-le-point-d-etre-sanctionne-par-l-education-nationale_4150311.html
[33]https://www.liberation.fr/france/2020/11/08/journaliste-de-libe-mis-en-cause-par-l-igpn-une-atteinte-a-la-liberte-de-la-presse_1805009
[34]https://www.lemonde.fr/education/article/2020/11/18/je-ne-ferai-plus-de-sequence-sur-ce-theme-dans-ses-derniers-messages-a-sa-hierarchie-et-ses-collegues-le-desarroi-de-samuel-paty_6060135_1473685.html
[35]https://www.lepoint.fr/societe/exclusif-l-erreur-de-samuel-paty-selon-l-inspection-academique-20-11-2020-2401898_23.php
[36]https://www.mediapart.fr/journal/france/171020/attentat-de-conflans-sainte-honorine-le-terroriste-affichait-sa-radicalisation-sur-les-reseaux-sociaux
[37]https://www.mediapart.fr/journal/france/191020/chronique-d-un-terroriste-annonce
[38]https://www.lepoint.fr/societe/le-compte-twitter-du-meurtrier-de-samuel-paty-signale-a-plusieurs-reprises-23-10-2020-2397683_23.php
[39]https://www.youtube.com/watch?v=DSdq4oXm96o&feature=emb_title
[40]https://www.lefigaro.fr/flash-actu/assassinat-de-samuel-paty-le-terroriste-aurait-ete-en-contact-avec-un-djihadiste-de-syrie-20201021
[41]https://www.leparisien.fr/faits-divers/attentat-de-conflans-l-ultime-echange-du-terroriste-anzorov-avec-un-combattant-en-syrie-23-10-2020-8404579.php
[42]https://www.leparisien.fr/faits-divers/attentat-de-conflans-trois-nouveaux-suspects-en-garde-a-vue-06-11-2020-8406912.php
[43]https://www.ladepeche.fr/2020/10/20/prof-decapite-le-parcours-sur-la-radicalisation-du-terroriste-au-coeur-de-lenquete-9151916.php
[44]https://www.youtube.com/watch?v=25ocYiGKGDE
[45]https://www.lejdd.fr/Societe/attentat-de-conflans-sainte-honorine-le-terroriste-raconte-par-ses-proches-4000996
[46]https://www.francetvinfo.fr/faits-divers/terrorisme/enseignant-decapite-dans-les-yvelines/surveillance-des-reseaux-sociaux-jean-castex-annonce-un-renforcement-de-la-plateforme-pharos-et-la-creation-d-un-pole-specifique-gere-par-le-parquet-de-paris_4153307.html
[47]https://www.cnews.fr/emission/2020-10-16/eric-zemmour-face-jean-pierre-chevenement-1008702
[48]https://www.laselectiondujour.com/chevenement-non-il-dit-vrai-et-avant-tout-le-monde-n1105/
[49]https://www.leparisien.fr/faits-divers/attentat-de-conflans-trois-nouveaux-suspects-en-garde-a-vue-06-11-2020-8406912.php
[50]https://www.francetvinfo.fr/faits-divers/terrorisme/enseignant-decapite-dans-les-yvelines/video-enseignant-decapite-il-faut-mieux-cerner-les-menaces-insidieuses-maniees-par-l-islam-politique-selon-laurent-nunez_4146581.html
[51]https://www.francetvinfo.fr/monde/terrorisme-djihadistes/est-ce-qu-on-a-rate-quelque-chose-les-difficultes-des-services-de-renseignement-face-aux-derniers-attentats-islamistes-en-france_4168137.html
[52]https://www.francetvinfo.fr/monde/terrorisme-djihadistes/est-ce-qu-on-a-rate-quelque-chose-les-difficultes-des-services-de-renseignement-face-aux-derniers-attentats-islamistes-en-france_4168137.html
[53]https://www.leparisien.fr/faits-divers/attentat-de-conflans-ce-qu-a-dit-aux-enqueteurs-le-trio-a-l-origine-de-l-engrenage-fatal-05-11-2020-8406833.php
[54]https://www.liberation.fr/debats/2020/11/02/le-droit-dernier-rempart-face-au-chaos-terroriste_1804239
[55]https://www.amnesty.org/download/Documents/EUR2132812020FRENCH.PDF